ads980-90 after header


الإشهار 1


سكان دوار الشلوحة بتازة .. مغاربة من الدرجة الصفر

الإشهار 2

www.alhadattv.ma

بين تصدره للوقفات الاحتجاجية تارة، والجلوس على طاولة الحوار مع تلقي الوعود المطمئنة تارة أخرى، يمضي الملف المطلبي لساكنة دوار «الشلوحة » محطة القطار بمدينة تازة رحلته نحو تحقيق ما سطر به من أهداف، وعلى الرغم من أن لاشيء من هذه الأخيرة ترجم لحد الآن فوق أرض الواقع، إلا أن هناك تفاؤلا يسكن المعنيين بالأمر جراء مجموعة من الاعتبارات والخلفيات، اعتبرت لدى متبنيها مقدمة مشجعة لقيادة مركب الناجين بثبات إلى بر الأمان.
وفي خضم هذه الأجواء نظمت عدة وقفات احتجاجية ترجمت إلى مسيرات صوب عمالة تازة ضمت أزيد من 200مشارك، نادوا وبصوت واحد بالرغبة الملحة في تسريع وتيرة عملية الترحيل إلى جانب ضمان باقي المطالب المتصلة بها، خاصة في ظل علمهم بجدية وحماسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لطي هذا الملف على النحو الإيجابي، وفق ما قاله سكان .
روائح كريهة، مستنقعات من المياه العادمة، أكوام الأزبال والقاذورات متراكمة وسط الأزقة المتربة.. أحياء ذات أزقة جد ضيقة ومحفرة، سحابات من الغبار تتناثر هنا وهناك، . فبهذه الفضاءات، تستوقفك أزقة ضيقة مغبرة صيفا وموحلة شتاء.‏ بالكاد يستطيع المرء عبورها راجلا. أبنية قصديرية هي أشبه بأكواخ , بنايات أقصر من قامة ساكنيها.. جدرانها من الطوب والزنك وسقوفها من الأخشاب وصفائح الزنك. تتحول هذه الأكواخ في فصل الشتاء إلى ثلاجات كبيرة، وتصبح شديدة الحر في فصل الصيف بسبب امتصاص صفائح القصدير لأشعة الشمس وافتقادها التهوية الضرورية وما ينتج عن ذلك من الرطوبة الشديدة، محولة إياها إلى مقابر جماعية تحوي جثثا متحركة، كما عبر عن ذلك أحد قاطني هذه الدور بقوله: «كما كتشوف راحنا عايشين هنا في أكواخ من الزنك، ولادنا ديما شادهم الرواح بسبب الرطوبة المفرطة». وتجنبا للحرج الذي يسببه خروج سكان مثل هذه الفضاءات إلى الخلاء من أجل قضاء الحاجة، يلجأ سكان الأحياء الهامشية إلى حفر مجار عشوائية لتجمع المياه العادمة عند عتبات الأكواخ، وذلك لانعدام الشبكات النظامية للصرف الصحي بهذه الأحياء. لكن ذلك يؤدي إلى تلوث البيئة وانتشار الروائح النثنة، ما يشكل مجالا خصبا لنمو الحشرات الضارة والقوارض وازدياد الإصابة بمرض الليشمانيا.

عيون النساء اللواتي تسترق النظر من نوافذ وأبواب من ثياب تترصد بفضول كل من يمرون من الزقاق ، خاصة الغرباء. أطفال يشكلون جماعات ويلعبون بكل ما جادت به مزابل أحيائهم التي نمت بسرعة البرق في هامش المدينة ، حيث تغيب كل مظاهر الحياة الكريمة.. تجمعات سكنية عشوائية عبارة عن أكوام من البلاستيك والزنك والخشب..، بدون مساحات خضراء أو فضاءات للعب الأطفال.. انعدام تام للمرافق العمومية أو الفضاءات الشبابية التي يمكنها أن تكون متنفسا لأبنائها وحتى الملعب الرياضي الذي أحدثه شباب الدوار حازه المسؤولين بالجيش الملكي بتازة وحولوه إلى حلبة للرماية والتداريب العسكرية العشوائية مما خلف جوا من الرعب لدى الساكنة بالإضافة إلى ما يترتب عن ذلك من أمراض في الجهاز التنفسي نتيجة روائح البارود والرصاص .. هذه المشاهد كلها عبارة عن قاسم مشترك بين سكان دوار الشلوحة التي قامت « الحدث تيفي » بزيارتها قصد إنجاز هذا الملف.

يصل عدد المغاربة الذين يقطنون مساكن شيدت في إطار السكن «العشوائي» بدوار الشلوحة أزيد من 189 أسرة ، تمتد على مساحة حوالي هكتارين . ولا تجني مدينة تازة من وراء دوار الشلوحة التي يلتصق بها من الجهة الشمالية سوى ظواهر سلبية، مثل الإجرام وتفشي المخدرات ومختلف مظاهر الانحراف، إلى درجة صار معه الانتماء إلى الدوار مرادفا للفساد والانحراف والإجرام … لكن، في المقابل، يعيش سكان الدوار حياة بدائية، حيث يحرمون من الماء الشروب والكهرباء و من الاستفادة من أبسط المتطلبات الضرورية للحياة، كالتطبيب والتعليم والأمن، وبالإضافة إلى ذلك فإنهم يكونون ضحايا لكل الأخطار المحدقة بهم من فيضانات واد الأربعاء الذي يمر بمحاداة الدوار وحرائق على مدار الفصول الأربعة. فإذا كان موسم الشتاء يمر عليهم كأنه ضيف ثقيل بما يحمله لهم من شقاء وبرد الأمطار التي تكبدهم خسائر فادحة، فإن فصل الصيف يجعلهم في انتظار مقلق لحريق سيندلع بسرعة الريح، ويلتهم ما تبقى من رحلة الشتاء ويجبرهم على قضاء اليوم خارج مساكنهم أو بالأحرى مراقدهم. ولا تتهدد حياة سكان دوار الشلوح المشاكل الصحية والكوارث الطبيعية فقط، وإنما يواجهون عدة أخطار من قبيل الحشرات السامة والأفاعي والعقارب، حيث تجد في مثل هذه الفضاءات مرتعا خصبا للنمو والتكاثر. لكن ومع كل هذا فإن دوار الشلوح ، الذي يعتبره الكثيرون بمثابة برميل بارود يحيط بالمدينة ، يعتبر خزانا طبيعيا للأصوات الانتخابية، ويصبح قاطنوها، مع اقتراب موعد الاقتراع، محط عناية فائقة من قبل المرشحين كان آخرها قيام جمال المسعودي بزيارة إلى حي الشلوحة واجتمع مع الساكنة حيث وعدهم بحل مشاكلهم في سنة على أكبر تقدير حسب تصريحات بعض المستجوبين . وهكذا يتحول «دوار الشلوحة » إلى قبلة لأشخاص غرباء عنها، يباشرون الاتصال بالسكان، ويدّعون أنهم بصدد إحصائهم في أفق توزيع مساكن جديدة عليهم، كما حصل مؤخرا حيث أقدمت المندوبية الإقليمية للإسكان بتازة على توزيع استمارات على القاطنين تتوفر جريدة الحدث تيفي على نسخة منها بدوار الشلوح بهدف إحصائهم وذلك في إطار إعادة أسكانهم و مقدمين لهم الكثير من الوعود التي سرعان ما تتلاشى بعد مرور الانتخابات. الدوار عالم واسع يمتد عبر حزام الفقر المحيط بالمدينة .. فخلال زياراتنا الميدانية لدوار الشلوحة لاحظنا وجود عدة تناقضات تعيشها ساكنة هذا الدوار الهامشي، أبرزها أن عائلات كثيرة تتكون من أب وأم وما بين 4 إلى 8 أبناء تتقاسم براكة لا تزيد مساحتها في أحسن الأحوال عن 16 مترا مربعا! تقول نجاة، التي لا تكف عن التأفف والتذمر، شارحة أن ما يعانيه سكان دوار الشلوح لا يمكن أن يوصف في العهد الجديد وعهد حقوق الإنسان ,ولم ينكر عدد من الأولاد الذين يعيشون مع آبائهم في براكة واحدة، في تصريحات لـ» الحدث تيفي»، شعورهم بالضيق والحرج جراء اضطرارهم إلى مشاركة آبائهم وأخواتهم الإناث لنفس الفضاء الضيق، وقال بعضهم إن هذا الوضع يدفعهم إلى المبيت في الخارج حتى يجنبوا أنفسهم الحرج ويجنبوا آباءهم الإحراج، بالرغم من كونهم على وعي تام بأن هذه الخطوة قد تعرضهم للانحراف والانغماس في عالم جلسات الخمر الليلية، لكنهم يفعلون ذلك هربا من مرارة ظروف عيشهم القاسية حتى أن أغلب شباب الدوار ولجوا السجون اضطراريا؟؟؟؟؟؟.

هل تدري ماذا يعني أن تكون «ولد دوار الشلوح »؟ إنه ببساطة أنك مواطن مجهول الهوية، ذلك لأنه لا حق لك في الحصول على الوثائق التي تثبت هويتك، لكون السلطات المحلية غالبا ما ترفض منح شهادة «السكنى» لقاطني دوار الشلوح الصفيحي بدعوى أنها غير مهيكلة… وحتى إذا حصلت على بطاقة تعريف وطنية تتضمن عنوانا يشير إلى الدوار ، فإن ذلك سيتسبب –لا محالة- في حرمانك من الوظيفة مهما كانت كفاءتك، ذلك أن هذا الدوار أصبح عنوانا مشبوها –في نظر بعض المشغلين- والمنحدرون منه كلهم مجرمون ، ولن تنقصهم الأدلة والأمثلة المقنعة، بل المفحمة. هذا نموذج لما تعانيه ساكنة دوار الشلوحة الصفيحي من أجل الحصول على الوثائق الإدارية: «والله ما تدي شهادة السكنى أو ما كونتي سيدي ومولاي»، إنها عبارات تحولت إلى لازمة تتكرر على لسان جل قاطني دوار الشلوحة بمدينة تازة ، كتعبير منهم عن تعنت رجال السلطة وأعوانهم ورفضهم المستمر تسليمهم الوثيقة الإدارية الشهيرة: «شهادة السكنى»، خصوصا بالمقاطعات الحضرية التي تقع تحت نفوذها ذلك الدوار، بالرغم من ضرورة توفر هذه الوثيقة للحصول على كل الوثائق الشخصية من بطاقة تعريف وطنية وجواز سفر. وحسب إفادات متطابقة استقتها « الحدث تيفي» من عدد من الراغبين في الحصول على الوثيقة الإدارية ل(شهادة السكنى )، عبر الكثيرون عن استيائهم من حرمانهم من وثائقهم، الأمر الذي يضعهم في خانة «مواطن» من «درجة ثانية» أو «درجة دنيا»، وكأنهم مهاجرون سريون وصلوا بطريقة غير قانونية إلى أرض ليست أرضهم، ويخفضون أجنحتهم ويتوسلون من أجل الحصول على وثائق قد تمنحهم شرعية الإقامة القانونية، فيما عند كل استحقاقات انتخابية، يتم منحهم بطاقة «الناخب» لاستغلالهم ككتلة انتخابية. واستغرب العديد من المتضررين تعامل رجال السلطة بانتقائية مع طلبات «شهادة السكنى . الإنسان والحيوان والصرف الصحي يعيشون جنبا إلى جنب فضاء يتعايش فيه الأطفال والبهائم والكلاب الضالة ومجاري الصرف الصحي المكشوفة

ومن بين الملاحظات التي لا يمكن تجاهلها أن بعض سكان دوار الشلوحة لا يولون اهتماما للنظافة، سواء نظافة الجسد أو المحيط الذي يعيشون فيه. ويعزو محمد ، عدم اكتراث هذه الفئة بقيم النظافة تجاه الذات والمحيط البيئي والسكني، إلى تأثرهم بخصائص الطبيعة السكنية والمجالية لدوار الشلوحة الصفيحي. ويوضح محمد أن هذا الدوار لا يتوفر على قنوات صرف المياه العادمة، وتنعدم فيها خدمات بلدية تعنى بالأزبال والتنظيف ، ولا توجد بها خدمات صحية تعنى بصحة سكان دور الصفيح ومجالهم، بالإضافة إلى انعدام الشروط الصحية داخل السكن الصفيحي نفسه.. «كل هذا يجعل الوعي بنظافة وجمالية المحيط السكني مسألة مغيبة ولا تحظى بأولوياتهم واهتماماتهم، لأنهم ينشؤون في محيط سكني وخارجي غير نظيف وغير صحي أصلا».

كانت الساعة تشير إلى الثالثة زوالا .. عدد من الأطفال يخترقون مزبلة على مشارف الحي خلال عودتهم إلى منازلهم بـالدوار . أكوام من النفايات الصلبة لم تصل إليها شاحنات شركة النظافة لجمعها ، لكن الأطفال حولوها إلى ملعب لكرة القدم، فأول ما يصادفهم بعد مغادرة حجرات الدراسة بمؤسسة تعليمية بعيدة جدا مزابل هنا وهناك يرتفع كل يوم علو أكوام النفايات بها. وغير بعيد عن هذه المزابل، ومن حفرة الدوار، الذي تنتشر فيه أعداد كبيرة من المساكن، تنبعث روائح مياه الصرف الصحي ، الأمر الذي يحول الدوار إلى وديان من مياه الصرف الصحي تنبئ بمشاكل بيئية وصحية خطيرة، خاصة مع حلول فصل الصيف. أما في فصل الشتاء ومع التساقطات المطرية الغزيرة، فتتحول حياة سكان حفرة دوار الشلوحة إلى جحيم حقيقي، إذ تغمر مياه الفيضانات المختلطة بمياه الصرف الصحي المنازل الأمامية وتحول جلها إلى مطمورات من المياه العادمة، إذ ذكر عدد من سكان الحي أن هذا المزيج الفريد من المياه والقاذورات يدمر ممتلكاتهم البسيطة من أفرشة وتجهيزات منزلية .

يعاني سكان دوار الشلوح ، من عدة مشاكل يأتي على رأسها غياب مياه صالحة للشرب، بحيث يتوفرالدوار على سقاية وحيدة للماء التي تتكدس حولها النساء والأطفال لملء المياه في العبوات البلاستيكية وحملها لمسافات طويلة ، قالت إحدى قاطنات الدوار الصفيحي، التي كانت تقف أمام باب عشتها ( منزلها)، ثم تابعت قائلة: «الله لي عالم بنا، ففي فصل الصيف لا ندخل المنزل حتى الساعة الواحدة ليلا لأنه يصعب تحمل حرارة المنزل بسبب الحرارة .. ..».

. دعتنا إلى الدخول إلى «المنزل» والوقوف على طبيعة العيش التي تتمكن من توفيرها لعائلتها

أكثر ما يؤرق ساكنة دوار الشلوح هو قلة الأمن وانعدامه ، خاصة وأن هذه الفضاءات، التي أضحت تسمى بـ«أحزمة الطوق» الصفيحية، تعد مرتعا لتنامي الجريمة، على الخصوص، أنه يحظر عليهم التجوال ابتداء من السادسة من كل مساء، مشيرين إلى أن هذا هو التوقيت الذي يستيقظ فيه «قطاع الطرق» الذين ينشطون بالليل لتعاطي المخدرات والنشل والتسلل إلى الأكواخ، بينما يختفون في النهار. وبسبب هذه الظاهرة، يضطر سكان دوار الشلوح إلى عدم ترك أكواخهم لحظة واحدة.


ads after content
الإشهار 3
شاهد أيضا
الإشهار 4
تعليقات الزوار
جاري التحميل ...
الإشهار 5