ads980-90 after header


الإشهار 1


سليمة فرجي: وجهة نظر حول مشروع القانون المتعلق بالوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية

الإشهار 2

www.alhadattv.ma

مرت عدة سنوات ، وانقضت الولاية التشريعية الأولى ، والثانية على وشك الانتهاء ، ولا زالت مشاريع القوانين المهمة لم تبرح رفوف لجنة العدل والتشريع ، إما بسبب اختلاف وجهات النظر بين المكونات الحكومية نتيجة التحالفات الهجينة والأيديولوجيات المتضاربة ، أو بسبب تصفية الحسابات و رفض المنظمات الحقوقية والقوات الحية بعض المقتضيات الماضوية ، وبذلك لم يتم تمرير مشروع القانون الجنائي ومشاريع قانوني المسطرة الجنائية والمدنية وقانون الدفع بعدم دستورية القوانين الذي ارجعته المحكمة الدستورية إلى البرلمان لعدم دستوريته علمًا ان أهميته لا تخفى على اعتبار انه تم الارتقاء بالمجلس الدستوري إلى محكمة دستورية لكون الفصل 133 من الدستور أتى بآلية دستورية تمنح الحق لأي احد من الأطراف في الدفع بعدم دستورية قانون اثير اثناء النظر في قضية يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور ، ومع ذلك لا زال عالقا بالبرلمان .
وبالتالي تم هدر زمن تشريعي مهم لنجد أنفسنا امام هرع الحكومة لتقديم قوانين مهمة محاولة تمريرها في وقت وجيز مع العلم ان عشرية مرت على دستور 2011 وكان لديها الوقت الكافي والموارد البشرية والمالية للوفاء بتنزيل المخطط التشريعي !
و يعتبر مشروع القانون المتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية ذي راهنية ويواكب توجه وزارة العدل الرامي الى اعتماد المحكمة الرقمية في أفق سنة 2020 , وقد سبقه القانون 73.17 المتعلق بمدونة التجارة المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 23 ابريل 2018 والذي جاء في فقرته الأخيرة انه يتعين القيام بجميع الإجراءات المتعلقة بمساطر صعوبة المقاولة المنصوص عليهافي هذا الكتاب بطريقة اليكترونية وفق الكيفيات المحددة بموجب نص تنظيمي.
ولعل اعتماد المحاكمة عن بعد في الفترة التي تزامنت مع صدورمرسوم بقانون الطوارئ الصحية بسبب تفشي جائحة كورونا ، ومختلف الانتقادات التي وجهت إلى الوزارة بخصوص ظروف ومسطرة التقاضي والمحاكمة عن بعد في غياب مقتضيات تشريعية ونص المسطرة الجنائية على ضرورة حضور المتهم جلسات المحاكمة ،جعلت وزارة العدل تستعجل بعرض المسودة من اجل ابداء الرأي ،وان ظروف وسبب إحالته على هيئات المحامين هي الجدل القائم حول عدم اعتماد مقاربة تشاركية وإقصاء هيئات الدفاع من ابداء وجهات نظرهم في مساطر هم معنيون بها بالدرجة الاولى، علما ان مشروعا كهذا يلزم المحامين قبل غيرهم بchallenge logistique أي تغيير جذري سواء تعلق الأمر بالعنصر البشري المساعد أو الجانب اللوجستيكي أو جانب التكوين والتأهيل لمواكبة وزارة العدل التي تتوفر على جيش عرمرم من الكفاءات المؤهلة للقيام بهذه المهمة كما تتوفر على ميزانية مريحة تمكنها من تحقيق ومواكبة جميع المستجدات في مجال الثورة الإلكترونية وهو الأمر الذي لا يعتبر متوفرًا لجميع المحامين .
لذلك فانه من الأجدر ان تشارك جمعية هيئات المحامين بالمغرب وتواكب اشغال لجنة العدل والتشريع اثناء مناقشة جميع مواد المشروع حماية لحقوق الدفاع وتيسير قيامهم بمهامهم بكل سلاسة وتيسير ، علما ان جميع الهيئات المهنية من موثقين وصيادلة بل وحتى القضائية اثناء مناقشة القوانين التنظيمية المتعلقة بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة كانت تواكب اشغال اللجان من اجل ابداء الرأي تفاديًا للمساس بما قد يعتبر إجحافًا في حق هذه المهن .
لذلك فإن احالة المشروع على جمعية هيئات المحامين بتاريخ يوم 30 ابريل ومطالبتهم بإبداء ملاحظاتهم قبل خامس مايو ، يعتبر بمثابة اجراء شكلي حتى لا يقال انه لم يتم اشراك الطرف الرئيسي في إجراءات الوسائط الإلكترونية الا وهم المحامون .
ومع ذلك فانه يمكن تلخيص بعض الملاحظات فيما يلي :
لا نجادل في كون المشروع سيحقق النجاعة في التقاضي من اجل واقع أفضل للعدالة في المغرب من خلال عملية التبادل اللامادي للإجراءات بين مكونات العدالة وتقليص امد الخصومات القضائية وتخليق مناخ العلاقات .
لكن يتبين ان هناك بعض النصوص التي قد تخلق إرباكا ان لم يقع تجويدها ودراسة اثرها :
ـ هل لدينا شبكات وبرامج معلوماتية ذات جودة عالية تؤمن تفاعل جميع الأطراف دون حدوث اختلالات ، وتوفر حماية المعطيات الشخصية ، كما هو الشأن في بلدان العالم التي قطعت أشواطًا في ميدان الوسائط الإلكترونية ، مثال ذلك لما أراد احد المحامين أداء القسط الجزافي وقع اختلال في الخوادم ، والحال ان الجلسة كانت على وشك الافتتاح ، وهنا يطرح مشكل ضعف او انقطاع الشبكة وامكانية ضياع الحقوق وما يتطلب ذلك من التنصيص على هذه الاستثناءات
-هل لدينا كفاءات من اطر بشرية وتقنيين ومواكبين لهذه العملية تخص المهن القضائية ومساعدي القضاء تجعل استخدام هذه البرامج ناجعة وتفي بالغرض المنشود ؟
– منً جهة اخرى وكما اشارت الى ذلك بعض المشاريع او المقترحات ، علمًا ان المشروع يعتبر تقنيًا في العديد من مواده لم يتم افراد مادة ينص فيها على القصد والتعريف ببعض المصطلحات خصوصا وان الثورة الإلكترونية ادخلت مفاهيم جديدة تقتضي تدقيق معانيها مثلا : المنصة الإلكترونية – الدعامة الإلكترونية -الحساب الإلكتروني – العنوان الإلكتروني – قاعدة المعطيات المركزية- الإيداع الإلكتروني ….الى غير ذلك من المصطلحات التقنية .
-كما ان نص الفصل 2-42 ان المرفقات المدلى بها أو المتوصل بها عبر الوسائط الإلكترونية لها نفس الحجية التي تتمتع بها الوثائق الورقية وكذلك المستندات سيطرح مدى حجية صور المستندات مثلا الشهادة الخاصة في مسطرة تحقيق الرهن
ما مصير الدفع بكون الوثيقة تعتبر مجرد صورة شمسية ، النص يكتنفه الغموض خصوصا فيما يتعلق بالنسخ المأخوذة عن أصول الوثائق الرسمية والعرفية والتي لا تكتسب قوة الإثبات الا بعد الإشهاد بمطابقتها للأصل من طرف موظفين رسميين مختصين في البلاد التي أخذت فيها النسخ (الفصل 440من قانون الالتزامات والعقود )
-ان ما نص عليه الفصل 3-41 بان المنصة الإلكترونية تتضمن الحسبات الإلكترونية المهنية للمحامين والخبراء والمفوضين القضائيين يطرح اشكالية عدم استعداد وعدم توفر شريحة كبيرة من الخبراء القدامى والمفوضين القضائيين على هذه الحسابات وينبغي على الهيئات المهنية إلزامهم بذلك إسوة بهيئات المحامين ، بغض النظر عن عدم صحة العناوين أو تعرضها للقرصنة
– إن أشارة الفصل 4-41 إلى صدور النص التنظيمي لتحديد الكيفيات التقنية لتدابير واستعمال الحسابات الشخصية المهنية للمحامين والمفوضين القضائيين والخبراء و تقييد النص لمجموعة من المقتضيات بصدور نص تنظيمي والذي قد يستغرق صدوره سنوات ويفرغ بعض النصوص من محتواها، وهو الأمر الذي ورد في الفصل 7-41 إذ يقيد كيفية التبليغ الإلكتروني بواسطة نص تنظيمي ، ولعل الإحالة على صدور نصوص تنظيمية سيشل تفعيل القوانين ويفرغها من جدواها كما تمت الإشارة إلى ذلك
– من جهة اخرى نص الفصل 474 على النشر الإلكتروني للبيع بالمزاد العلني في الموقع الإلكتروني لوزارة العدل ، كان ينبغي تحديد موقع خاص للبيوعات بالمزاد العلني بدل وزارة العدل
– بدوره مشروع المسطرة الجنائية قد يثير بعض الإشكالات مثلا ورد في المادة 24 بخصوص المعالجة المعلوماتية للمحاضر ان يحدد شكل المحضر بقرار مشترك من وزير العدل والسلطة الحكومية المشرفة اداريا على محرر المحضر بعد استطلاع رأي رئيس النيابة العامة ، لكن بالرجوع الى القانون 17-33 المتعلق بنقل بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك للملك بصفته رئيسا للنيابة العامة وبالتالي فان المؤهل لتحديد شكل المحاضر وفي إطار ممارسة الاختصاصات الموكولة اليه المتعلقة بالإشراف على النيابة العامة وممارسة صلاحياتها المرتبطة بممارسة الدعوى العمومية واحترام مضامين السياسة الجنائية هو رئيس النيابة العامة بدل وزير العدل وليس الاكتفاء باستطلاع رأي رئيس النيابة العامة في مجال اختصاصه
– نفس الشء بالنسبة للانابات القضائية الدولية التي اشترطت موافقة وزير العدل متجاهلة قواعد الاختصاص التي أتى بها القانون 17-33
بخصوص المسطرة الجنائية دائما كيف سيتمكن قاضي التحقيق والمتهم من توقيع محضر اصلي واحد ؟ اذ يرسل قاضي التحقيق محضر استنطاق المتهم المعتقل الى السجن اليكترونيا لتوقيعه ، بمعنى ان المتهم سيوقع الفاكس او الإرسال اليكترونيا باستقلال عن المحضر الأصلي الذي سيوقعه قاضي التحقيق وفي ذلك إشكال الشيء الذي يتعين معه اشراك جميع الطاقات وذوي الاختصاص من اجل تمرير قانون يتسم بالنجاعة
في التقاضي من خلال عملية التبادل اللامادي للإجراءات بين مكونات العدالة وتقليص امد الخصومات القضائية وتخليق مناخ العلاقات وسد الفراغ التشريعي .
واذا كنا لا نشرع الا بأيادي ترتجف كما قال مونتيسكيو ، فان أي خطأ تشريعي
ناتج عن الاستعجال او إقصاء اجنحة العدالة ، ستشهد الترسانة القانونية انحرافًا و عوارًا بسببه .


ads after content
الإشهار 3
شاهد أيضا
الإشهار 4
تعليقات الزوار
جاري التحميل ...
الإشهار 5