ads980-90 after header


الإشهار 1


عزيز باكوش في قراءة لديوان “سيدتي” للشاعر عبد العزيز فتحاوي

الإشهار 2

www.alhadattv.ma

*عزيز باكوش

عن مطبعة الضحى بالبيضاء ، وفي طبعة مرجانية أنيقة مذهبة ، صدر مؤخرا للأديب الشاعر عبد العزيز فتحاوي ديوان شعر يحمل عنوان “سيدتي” الإصدار المومأ إليه جاء في 39 صفحة من القطع المتوسط ، يعتبر باكورة إنتاج الأديب الشاعر . ويتضمن 18 قصيدة في المطلع نجد الأم ، وفي الختام الوطن . وجاءت الأضمومة الشعرية مفهرسة على الشكل التالي 🙁 أمي،) لم يفهموك سيدتي، هدية سيدتي، ستظلين فتاتي، عيدك سيدتي، لا تبكي، سيدة النساء، سألتني أتحبني، أحبيني كيف شئت، لا تصمتي، لا تلوني وجهك، ملاكي الأبيض، كنت كأمي، كان لابد أن أختفي، عشق الكبار، أبكي أبتي، أنا أعرف وطني، )أنا المغربي( اختار الشاعر شهر “مارس” إهداء مميزا في الزمان والمكان، بكل ما يحمله من خصوبة ودلالة عميقة في الحياة “عيد المرأة ، عيد الأم.
في تقديم خاص للديوان يعتبر الأكثر كثافة بلاغة وشعرية على الإطلاق الأدبي يعترف الكاتب بذنبه ويقر أمام الملأ “نعم ” لقد اقتحمت على القرطاس بياضه الملائكي ” وبذلك يحسم المعركة في الجولة الأولى ، ليظل الاعتراف سيد الأدلة . ولعل القارئ اللبيب سيتفهم ظروف وأسباب هذا الفعل الاقتحامي المفاجئ لقلعة البياض الملائكي للقرطاس ، وسيغفر للمشتبه فيه فعله الاقتحامي رغم إقراره الصريح ويتلمس له الأعذار والتخفيف .
إن فعل الاقتحام هنا قد تحقق بالدخول إلى مسكن الغير ،أي الإقامة الخاصة للقرطاس “البياض” وليس أي بياض، إنه بياض عريق عميق شاهق وآت من سلالة ملائكية خارج المقاسات الاعتيادية . وعلى الرغم من أن الكاتب أكثر من غيره يدرك خطورة الفعل الاقتحامي ، فقد نصب نفسه الفاعل المقتحم لحرمة البياض القرطاسي ، وعمد إلى فعله برغم عدم الأخذ بالإرادة الصريحة لمن له الحق في منع الغير من دخول مسكنه” و أن ذلك الدخول حدث ضد الإرادة الضمنية لمن له الحق، وأن الدخول قد تم خلسة، أو لنقل تم احتيالاً أو مجازا ”
والكاتب هنا لا يكتفي بالإقرار بارتكاب جنحة الاقتحام فحسب ، بل يعترف بكل ما أوتي من وعي وعن سابق إصرار وترصد ” بإعمال القلم أيما إعمال ، وما أدراك ما إعمال القلم، هذا السلاح الفتاك الذي يعتبر في كل الشرائع ناريا قاتلا ، وهو في الموروث والمنقول السلطان والعالم والحاكم واللسان والسيف بجبروته وقوته . فماهي النوايا الحقيقية من وراء هذا العمل ؟ ولمصلحة من ؟ ومن هي المرجعيات الداعمة لمثل هذه الأفعال ؟ ومن أين يستمد صاحبنا الجرأة في القول والفعل ؟
حسب اعترافات الكاتب ، فإن ما أقدم عليه عمل مدبر ومبرمج وهو ” فعل عدواني أبته شجونه ولواعج وجدانه ” حدث ذلك ، رغم أن القرطاس لم يبد أية مقاومة في الدفاع عن البياض وحرمته ، بحيث أناخ جناحه، وألان العنان، أمام قوة المهاجم ، ثم خر ساجدا متحملا تيه يراعه . وبما أن الاقتحام كان خطيرا وأحدث اضطرابا وتم العبث بالمحتويات وتم ترديد شعارات تمس بذات الشخص فقد تنبه صاحبنا وتيقن أن الإدانة ثابتة في حقه ، وأن ما حصل كان من فرط هيامه بهذا المخلوق الجميل الذي اسمه ” المرأة” وأن هذا الكائن ” المرأة” عملة خطيرة جدا في المجتمع الكوني كما في الديانات السماوية ، ولا يمكن السكوت عن من يستهدفها بالتزوير أو الترويج الزائف ، خاصة في ظل ما يحتويه ملفها من أسرار وشبهات تتعلق بتمثلات على غاية من الخطورة ،فقد حاول تمويه المحققين والنقاد ، مدعيا تارة أن هذا اللين والحنين من القرطاس أثناء الاقتحام يكشف عن مكر حاني محمود، ولا دخل له فيه، وتارة أخرى، معلنا أمام الأشهاد أن ما قام به يملى عليه كوحي وجداني داخلي حتى يتسنى له تجريد المرأة ،ليرى فيها مجرد أنوثة صارخة”
أما الحقيقة الناصعة التي تكشف عنها الوقائع والأحداث والمشاعر بكل جلاء فتثبت عكس ذلك تماما ” فصاحبنا ليس ذلك الرجل ، فكل الأفعال والنوايا المعلنة والمتستر عليها ، تكشف بشكل لا يقبل الجدل ،أنه يرى في المرأة شيئا آخر شيئا مختلفا تماما ” فهي في تصوره قبل فعل الاقتحام وبعده” إما وزوجة وبنتا، وأنها رمز لكل شيء جميل ، وأنها لماما، ليست المقصودة في ذاتها، بل رمز وإشارة . ليس هذا وكفى بل ، وهي برغم ذلك ، تشاطر الكاتب كل ما هو رقيق وراق وجميل في الكون وأكثر من ذلك ، فالكاتب يكشف عن بوح روحاني غريب وعجيب ، بوح يمكنه من رؤية هذا الكائن الجميل في عليل نسمة ، أوشذا زهرة، ويتراءى له على هيئة ناي وأحيانا يتخذ شكل وترة . وبذلك تتحقق النبوءة شكلا ومضمونا ، فهذه الكائنة التي كانت سببا في كل هذه الأحداث ليست سوى السيدة ” سيدتي المرأة” بكل النبل والصفاء والبهاء التي تحمله الكلمة .
أما تحقق الدخول عبر الاقتحام ضد إرادة صاحب المسكن ، فمن المسلم به قانوناً ، أن القاعدة العامة في تجريم ” الاقتحام ” أن يبنى على اعتبارات ترتبط بحسن النية أو تتعلق بهاجس الحفاظ على المصلحة العامة لما فيه خير المجتمع. وهو ما حصل بالفعل . فالقانون هنا لا يحمي الملكية ، ولا يحمي الأشياء ، إنما يحمي أمن الشخص وسـكينته في مكان سكنه ، بوصفها من الوسائل التي تكفل ممارسة حريته الفردية ، ومن هنا ، لا يحق للمالك دخول هذا المسكن أو أحد ملحقاته إلا لسبب مشروع وصالح . والكاتب الشاعر الرقيق عبد العزيز فتحاوي المشتبه فيه صاحب الفعل من هذه الطينة دون شك . وهو ما يشفع له ،ومن المرجح أن يكون لهذا المنعطف تأثير مباشر وسينعكس إيجابا على التخفيف من العقوبة المنصوص عليها في الأفعال المنسوبة إليه . وستمنح محكمة الشرف لصاحب الديوان البراءة مع صفة النبل الدائمة .
• ثنائية المرأة والوطن في شعر عبد العزيز فتحاوي
بعد صدور الطبعة الأولى من ديوان سيدتي 2017 ومن باب التقاسم النبيل ارتآى الشاعر نشر قصائد الديوان تباعا على صفحته الرسمية على الفايسبوك وعلى منصة اليوتوب .
نقرأ في قصيدة ” هدية سيدتي ” من ديوان “سيدتي” كتبها الشاعر في عيد المرأة يوم 8 مارس “وهي حبلى بالدلالات ، إذ تصور كيف أن المرأة تطبع وجدان الرجل وترسمه بألوانها ، فالأم تربي والحبيبة تهيم به في عوالمها الوردية ، وتأخذه الأخت إلى مرج حنوها ، والبنت إلى تغنجها الطفولي ، وهو يصطلي بسندس هاته وعبقري تلك ومرج الأخرى فيغدو أسير هذا المخلوق اللطيف :
أهديك صدري لوحة
فارسمي فيه حبا بكل الألوان ،
ارسمي فيه وصالا وحنينا
أو احفري فيه وهج الأشجان ،
اكتبي فيه أشعار نزار
أو لواعج قيس ، وجميل ، وأنات الهجران ،
انحتي فيه أسارير الموناليزا
أو نبش الحروب بين المآذن والجدران ،
اسكبي عليه رحيق الشهد من شفاه
أو اهرقي عليه مر الدمع من أجفان ،
لوني صدري بياضا أو سوادا
فحسب اللوحة ، لثم الريشة من فنان ،
فما يضير اللوحة رسم حمائم أو غربان
ولكن يدميها وخز الريشة ، وجفا الالوان ،

***
ومن قصيدته الرائعة ” أنا المغربي ” نقرأ”
أنا المغربي
شقراء على الحدود تسأل
أين ديارك أين تسكن ،
فحاجباك وشعرك الأفحم
تنطق ؛ أنا عربي وتعلن ،
ينطقها عسجد فيك يضرم
وعلى محياك القمحي تهجن ،
فمن أي عرب يا عاشقي
فرعوني أنت ، من مغرب أم عدن ،
قلت أطارقا لم تذكري
لما أقام فيكم وطن ،
سلي قرطبة سلي
لمن مآذن الحمراء تحن ،
سلي أندلسا من كان
على صهوات الجياد والسفن ،
سلي الشعر على الجدران
من أنطقه عربية من يكن ،
سلي لحظك العسلي
من لين الزرقة فيه من ،
وعن بياض فيك باهت
من لونه سمرة من ،
سلي آيات على المآذن..
فما عادت ولادة تنظم شعرا
وما عاد ابن زيدون يهوى أو يحن ،
فأنا من له بين البحرين وطن
وأنا من له في الصحراء وكن ،
فهم رجال من وطني
من بنوا لك أوطانا ولي وطن ،
فلا تسأليني عن وطني
وعن دياري ومن أكن ،
فكل الورد في أوطانكم
وطني من رواه ، فسلي الزمن ،
فأنا مغربي فلا تسألي
فحضارتي قالت من أكن ..”


ads after content
الإشهار 3
شاهد أيضا
الإشهار 4
تعليقات الزوار
جاري التحميل ...
الإشهار 5