ads980-90 after header


الإشهار 1


كمال عبد الله باكوش..جنرالات الجزائر حراك داخلي وعدو وهمي

الإشهار 2

www.alhadattv.ma

مؤسف جدا كيف تتعامل الحكومة الجزائرية هذه الأيام مع ما يحدث من غليان في الشارع الجزائري وانطلاق الذكرى الثانية لاندلاع الحراك الشعبي في خراطة شرق البلاد ومناطق وجهات اخرى وما يروج من دعوات للتظاهر من قبل مجموعة من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما قيدت جائحة كورونا الحراك لشهور، فقد فضّلت ألا تأخذ العبر والدروس مما جرى حولها واختارت المقاربة الأمنية بتشديد المراقبة على الطرقات وتكثيف الحواجز الامنية لمنع المتظاهرين للوصول الى العاصمة مع تعتيم إعلامي ممنهج واعتبار ما يجري مؤامرة خارجية كحل وحيد لمواجهة الأصوات المطالبة بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية والرافعة لشعارات معادية للجنرالات متهمة اياها بالفساد وقيادة البلاد نحو المجهول، ورأينا مسؤولين حكوميين خرجوا من قصر المرادية ليصرحوا عبر وسائلهم الإعلامية المسموعة والمرئية والمكتوبة أن الجزائر تختلف عن باقي الدول الأخرى وان وضع الجزائر مختلف وحساس وان هناك مؤامرة تحاك ضدها من الخارج وان البلاد تعرف اوراشا وإصلاحات كبيرة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية و هي لن تسمح بتهديد الاستقرار الداخلي ورغد العيش الذي يتمتع به الشعب الجزائري وإلا فالمقاربة الأمنية متواجدة للمحافظة على الثوابت والمكتسبات، رغم أن هذه الأخيرة (المقاربة الأمنية) أدت إلى هروب بن علي ومفارقته الحياة في السعودية، البلد الوحيد الذي قبل طلب لجوئه، ومحاكمة مبارك وسجنه وسحل القذافي على يد معارضيه من ابناء شعبه و اغتيال علي عبد الله صالح في سيناريو اشبه بفيلم هوليودي والمأزق المتواجد فيه حاليا بشار الاسد بعد ان دمر شعبه وشرده وهجره وأصبح معزولا منبوذا. وهو رد فعل طبيعي وغير مفاجئ ما دمنا نعلم أن الحكومة الجزائرية هي حكومة عسكرية بزي وان اصحاب القرار هم جنرالات الجيش وليس اي احد آخر.
يعلم مسيرو دواليب قصر المرادية أن المقاربة الأمنية لم تعد تجدي كما في السابق لمّا كانت الأنظمة الدكتاتورية، توئد الانتفاضات والثورات في مهدها حينما كانت تطوق مدرعاتها ودباباتها المدن والشوارع وتسحق المنتفضين والثائرين تنكل بأجسادهم في المعتقلات السرية وتعدم رميا بالرصاص الرجال والنساء والأطفال مخلّفةً ورائها مقابر جماعية يوكل للتاريخ مهمّة اكتشافها والوقوف على بشاعتها ووحشية مرتكبيها في غياب كامل لوسائل الإعلام. أما اليوم الأمر مختلف تماما فمع انتشار أدوات الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي لم يعد بالإمكان أن تفعل الأنظمة الظالمة ما تشاء بشعوبها في سرية تامة وصمت دولي رهيب، ولم يعد بمقدورها مهما فعلت أن تخفي كل جرائمها. لقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت كالفيسبوك وتويتر واليوتوب دورا كبيرا في فضح التجاوزات الخطيرة التي قامت بها هذه الأنظمة وساهمت مساهمة فعالة في نجاح الثورات العربية إلى حد كبير كما لعبت، هذه المواقع، دوراً مهماً في تنظيم الاعتصامات واستمرارها والخروج في مسيرات مليونية، وفي لفت أنظار العالم بأسره لما يقع و يحدث. ولولاها لما كان بمقدور العالم أن يرى بلاطجة النظام المصري بهراواتهم وفوق جمالهم في ساحة التحرير ولا السيارات الأمنية وهي تدهس المواطنين في واضحة النهار ولا المرتزقة الذين استأجرهم العقيد لقتل وترهيب مواطنيه بعدما استعبدهم أربعة عقود، ولا قناصة علي عبد الله صالح الذين قتلوا أكثر من 700 مواطن يمني في جمعة واحدة ولا شبيحة بشار الذين يعيثون في الأرض فسادا كل يوم ولا البراميل الكيماوية التي القاها على معارضيه. لذلك لجأت الشردمة المتمسكة بالسلطة الى شيطنة الحراك و”دحدحته” تارة والى تهدئة الشارع الجزائري الغاضب عبر حل المجلس الوطني الشعبي وخلق عدو وهمي وشماعة فشل تارة اخرى .
إن اعتبار ما يجري داخل الجزائر هو من قبيل سياسة التآمر الخارجي والاشارة الى الجار الغربي والمتمثل في المملكة المغربية بشكل صريح أصبحت من النكت التى تبعث على الاشمئزاز، وقلة احترام لعقل المواطن الجزائري البسيط الذي يعي الموقف أكثر من سياسييه، ولم تعد تنطلي عليه اكاذيبهم ووعودهم، فنفس الكلام سمعوه من احمد اويحيى الوزير الاول السابق وانتهى به المطاف اخيرا في اكبر فضحية فساد حيث صرح اثناء محاكمته بتلقيه 60 سبيكة ذهبية من امراء خليجيين وبيعها في السوق السوداء ب 350 مليون دينار جزائري، وادين ب 12 سنة سجنا كما ادين رفيقه وعبد المالك سلال وهو وزير اول سابق ب 15 سنة سجنا في فضحية تجميع مصانع السيارات وتمويل الحملات الانتخابية لرئيس مشلول. وما يعيد اجتراره الآن عبد المجيد تبون الذي يعتبره الحراك مجرد دمية كرتونية جاء بها الجنرالات لخدمة مصالحهم في ظل عزوف غير مسبوق و تزوير للانتخابات، ان دعوات التظاهر مؤامرة تحاك من الخارج لزعزعة الاستقرار في البلد و تسخير الحكومة وسائلها الدعائية بشكل هستيري غير مسبوق من اجل خلق عدو وهمي واستفزاز المغرب والمغاربة باستهداف ملكهم عبر قناة الشرور وتوظيف ميليشيات الانفصاليين في حرب وهمية والدعاية لها وان الجزائر مستهدفة وتدعو إلى التزام الحيطة والحذر مع التهديد والوعيد. فإنها تسلك نفس الطريق الخطأ، وتكرر نفس الأخطاء بالجملة.
كان 18 دجنبر 2010 اليوم الذي اختاره الشعب التونسي للانطلاق ثورته، أطلق عليها اسم “ثورة الأحرار التونسية” ودامت 24 يوما، فبعد خروج الآلاف من المتظاهرين وسقوط الجرحى والقتلى انتهى الأمر بفرار الرئيس بشكل مفاجئ إلى السعودية يوم الجمعة 14 يناير 2011 بعدما تم رفض استقباله من قبل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وايطاليا، واختار الشعب المصري يوم 25 يناير وسمى ثورته “بثورة الغضب” ، دامت الثورة المصرية 18 يوما حيث انتهى الأمر بتنحي الرئيس حسني مبارك يوم الجمعة 11 فبراير 2011 الذي استمر في الحكم أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، وحدّد الليبيون يوم 17 فبراير لانطلاق ثورتهم حيث بدأت بمظاهرات واحتجاجات سلمية لكنها تحولت إلى ثورة مسلحة بعدما استعمل النظام الليبي الأسلحة الثقيلة والمرتزقة والإبادة الجماعية للمتظاهرين وكاد أن يرتكب اكبر مجزرة في بنغازي في رد فعل هستيري لولا تدخل حلف النيتو بمباركة عربية وانتهت الثورة الليبية بانتصارها على عائلة القذافي التي تشتت بين الجزائر والنيجر وجحور في ليبيا بعد ستة اشهر من القتال والمواجهة، واختار المغرب يوم 20 فبراير للخروج والتظاهر ضد الفساد والظلم والأوضاع المعيشية المتردية وتغيير الدستور، بدعم من الهيئات الحقوقية والأحزاب السياسية المغربية وعموم المواطنين المغاربة. وطالب المتظاهرون بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية كانت نتيجتها استجابة ملكية لمطالبهم حيث عدّل الدستور وقرر اجراء انتخابات مبكرة وفتحت اوراش إصلاحات اقتصادية واجتماعية هامة. واختار شباب اليمن 11 فبراير يوما لانطاق ثورتهم أسموها “ثورة التغيير السلمية” وانتهى الأمر بانفجار قنبلة يوم الجمعة 3 يونيو بالقصر الرئاسي نقل على إثرها الرئيس علي عبد الله صالح إلى السعودية لتلقي العلاج بينما قتل بعض من مقربيه وأعضاء من حكومته. وفي سوريا الجريحة اختار الشعب السوري يوم 15 مارس لانطلاق انتفاضة شعبية غير مسبوقة ضد حكم بشار الاسد رافعين شعار ” حرية … حرية” تحول فيما بعد إلى ” إسقاط النظام” نتيجة المقاربة الأمنية التي اختار النظام اتباعها “للإنصات” لمطالب شعبه ولا زال الشعب السوري، بعد أن تغلب على الخوف الذي سكن داخله لعقود ، يقدم الشهداء يوما بعد يوم.
لقد اختارت الشعوب المغلوبة على أمرها يوما من أيام السنة لتقف وتعلن رفضها استمرار تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، واستمرت تقدم الشهداء بإيمان وثبات وتحد علّ الحاكم يتّعظ مما يجري حوله ويغير العقلية والتفكير. والجزائر لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تشكل الاستثناء ولا بد أن تختار يومها، إذ لا يمكن لشعب المليون شهيد أن يتخلف عن موعده مع التاريخ وان يبقى سجين الخوف والذل، و تسلط واستبداد جنرالات فاسدين، فالبلد الذي يفوق عدد سكانه 40 مليون نسمة تتجاوز نسبة البطالة فيه 35% حسب إحصائيات منظمات دولية مستقلة بينما تصرح الحكومة أن النسبة لا تتجاوز 10 %، والحد الأدنى للأجور يبلغ 200 دولار بالنسبة للموظفين، وأكثر من ثلثي السكان يعيشون تحت مستوى خط الفقر وتعيش البلاد دوامة من العنف والعنف المضاد منذ أن فرضت الحكومة قانون الطوارئ سنة 1992 مباشرة بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات التشريعية وخلْق ما سمي بالتحالف الرئاسي المكون من ثلاثة أحزاب شكَّلت الحكومة وسيطرت على البرلمان وأغلقت المجال السياسي تماما أمام المعارضة.
يعلم النظام الحاكم في الجزائر في قرارة نفسه أن كل الحكومات التي اختارت المقاربة الأمنية والمرتزقة والشبيحة والبلطجة للقضاء على احتجاجات الشعوب المطالبة بحقوقها المشروعة انتهى بها الأمر أسوأ مآل. كما تعلم جيدا أن دورها في التغيير آت لا محالة، وأنها لا تستطيع أن تغير المجرى السليم للتاريخ وان المسألة مجرد وقت لا أقل ولا أكثر، فالوقتُ تغير والشعوب تغيرت، العقليات تطورت والظروف تغيرت وكل متتبع للشعارات المحمولة في تظاهرات جمعات الربيع العربية ” الكرامة” ” الحرية ” ” الغضب” ” ثورة حتى النصر” ، ” صمتكم يقتلنا ” ” الموت ولا المذلة ” ” ماضون حتى إسقاط النظام ” تظهر مدى الوعي الذي وصل إليه شعوب هذه المجتمعات. شعوب تتقاسم كل شيء الجهل والفقر والظلم والبطالة والفساد والتهميش والحرمان، ولا تتقاسم خيرات وثروات بلدانها ومن ثم فلا فرق بين سياساتها الداخلية أو الخارجية، ولم يعد بمقدور مسؤولي قصر المرادية أن يغطوا شعاع الشمس بالغربال ويقفوا ضد إرادة الشعب في الحياة الكريمة وفي التغيير، الشعب الذي عانى ويعاني من البطالة وغلاء المعيشة والسكن والمواد الغذائية بينما تُكدَّس ملاييرُ الجنرالات في البنوك الغربية. لقد آن الأوان للشعب الجزائري أن يختار يومه يطالب فيه بالحياة وهو يدرك أن القدر لا بد أن يستجيب لمطالبه ، قالها الشابي يوما وتحققت في أكثر من وطن. إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر. وأكثر ما يريده الشعب الجزائري اليوم هو الحياة وأية حياة تلك التي تؤمن له حقه حريته وكرامته.


ads after content
الإشهار 3
شاهد أيضا
الإشهار 4
تعليقات الزوار
جاري التحميل ...
الإشهار 5