عزيز باكوش.. لا تستقيم زياراتي لكندا ولا تستوي إيقاعاتها دون اللقاء مع نخبة من الأدمغة المغربية المهاجرة

www.alhadattv.ma
رسائل كندا 05 . لا تستقيم زياراتي لكندا ، ولا تستوي إيقاعاتها دون اللقاء مع نخبة من الأدمغة المغربيةالمهاجرة ، والتفاعل مع طينة من المثقفين والمبدعين المتألقين في مجالات ثقافية ومعرفية مختلفة ،اعتنقوها وأبدعوا فيها بشكل لافت للنظر.لابد أن أذكر هنا الشاعر المغربي ذ عزيز فهمي والمخرج السينمائي الباحث في جماليات الصورة عبد العلي الحضري ذيوسف الغرباوي في مجال التشكيل والفنون البصرية ورشيد نجاحي في حقل والصحافة والإعلام والنشاط الاجتماعي وكذلك أسامة الحافظيSam عالم السحر الترفيه والخدع البصرية ،إلى جانب ثلة من ذوي الاهتمام بكل ما هو جمعوي ثقافي وفكري عام مثل عبد الغني بنكروم عبد السلام جبران محمد الأندلسي عبد القادر إفران..وآخرون . لقد جرت العادة ،أن نلتقيَ هنا بمقاهي منتريال أوضواحيها كل صيف، فنرتشف فناجين قهوتنا ، ونتبادل آراء وأفكارا بخصوص مستجدات الحياة الثقافية والفنية في المغرب ،ومآلات الحالة المدينة للمدينة والدولة المغربية .وملامسة النبض الاجتماعي للأسر والعائلات ،كما نتجاذب أطراف الحديث حول الاندماج الثقافي والفني ونبض المجتمع المهاجر والتفاعل مع قضاياه وإكراهاته هنا وهناك .
بمقهى ديبو DEPOT قلب Rosemère روزمير النابض ،كان لقائي بيوسف الغرباوي وسط أجواء خريف هذا العام البارد كعادته مع انقشاعات خجولة لشمس لا تستوي دورتها الجانبية الوهمية على الأرض. وكان عائدا لتوه من مرسمه المنعزل الذي يوجد بعيدا عن مقر إقامته نحو30 كلم غرب مونتريالSainte- Dorothée وكنتُ نشرتُ على صفحتي إشعارا بالوصول،حيث منصات التواصل الاجتماعي نشطة في الكشف عن الأجندة الشخصية في مثل هذه الحالات، ما يجعل ترتيب موعد مسبق بين الأصدقاءأمر سهل للغاية . ولما كان المقهى غير بعيد عن مقر إقامة يوسف حوالي15بالسيارة . وبعد فنجانين ضبطا المزاج ونجحا في تسوية الأوتار ،قادتنا جولة خفيفة عبر السيارةوسط مدينة سانت Sainte -Rose ذات الشوارع النظيفة والمبهجة والمساحات الخضراء التي تشد الروح ، فعرجنا إلى إحدى المؤسسات التعليمية للسلك الثانوي التي سبق ليوسف أن اشتغل بها سنتين كاملين كمدرس لمادة الفنون البصرية قبل 12 سنة. وكانت مناسبة لاسترجاع الذكريات، أطلعني من خلالها على تفاصيل دقيقة بخصوص الحديقة البيئيةEco-art-garden وجمالياتها ومشاركته في الإبداع والتصميم واستثمار عشب ونبات الحديقة في إنجاز تشكيلات ومجسمات صديقة للبيئة، غاية في الإبداع من وحي الطبيعة الخلابة التي تحيط بفضاء المؤسسة ذاتها . الحديقة التي كان من ضمن المؤطرين لورشاتها ،وأحد المساهمين في إنجاز تصاميمها وابتكاراتها رفقة طاقم تعليمي كندي .
إلى ذلك ،تعد حديقة CAL Eco-Art Garden مشروعا إبداعيا متعدد التخصصات يربط بين مجالات الفنون البصرية وأشغال البستنة. وهي تتألف من مجسمات لحيوانات من أعواد الصفصاف ،وأحواض أزهار طبية وما يشبه غابة صغيرة مغذية وحقول مزهر ومسارات محدد بالبليسي ونافورة من فسيفساء. وبدأ هذا المشروع المتواصل خلال العام الدراسي 2021-2022 ،وشارك فيه العديد من الأساتذة والشركاء والمتعاونين، بما في ذلك نخبة من الأساتذة من بينهم إيزابيل جيلارد وطلابها من شعبة تركيز الفنون التشكيلية الخامس الثانوي، والفنانة ناتالي ليفاسور من برنامج الثقافة في المدرسة من وزارة التربية والتعليم. والأستاذ باتريك باريزو وطلابه من مركز لافال للتدريب البستاني، وكذلك التعليم الخاص فاليري فنسنت، ألين تشاين وسوزانا فيغو بيريز، طلاب من برنامج كابس والتحديات ودعم اللغة، مدرسي العلوم فنسنت جوتراس وفيليب ويليامز، وميسرة المشاركة كارولين دوروشر، ومعلم الفنون البصرية علي كيشو وطلابه، بالإضافة إلى المدير الإداري كريستيان روبرت.
تهدف مجمل الأهداف التربوية التعليمية لهذا المشروع البيئي الخالص إلى خلق مساحة من المتعة والتفاعل مع الأعمال الفنية من وحي الطبيعة الخالصة. تحضرني هنا تجربة مماثلة لأستاذة تعمل في إحدى المديريات بأكاديمية فاس مكناس. تجربة ملهمة من أجل تشجيع التواصل الثقافي والفكري فنيا بين أفراد المجتمع والبيئة التي تحيط بهم والمساهمة بفنية مبتكرة في تجويد الحياة البيئية في شكلها الواقعي .
والفنان التشكيلي المغربي ذ يوسف الغرباوي ابن فاس سبق لعشاق الفن التشكيلي من المغاربة وغيرهم التعرف والاطلاع على تجربته وأسلوبه الفني في العديد من المعارض التي أقامها سواء في بلده المغرب فرنسا أو بكندا مكان إقامته منذ 2004 . لعل آخر معرض له بالمغرب كان في فضاء “ريفاج” بالرباط تحت عنوان “امتدادات” للفنان التشكيلي يوسف الغرباوي” ، وضم أكثر من 40 لوحة فنية ذات أبعاد مختلفة. هذا الفضاء الذي تم افتتاحه سنة 2016، في إطار مبادرة أطلقتها مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج. وهي هيئة بحمولة وطنية ابتكارية تهدف إلى تمكين الفنانين المهاجرين المغاربة من عرض أعمالهم في بلدهم الأصلي وتقديمها للجمهور المغربي
يوسف الغرباوي متزوج من أستاذة مغربية وله ثلاثة أبناء تابع دراساته في الفنون البصرية والإعلامية بجامعة كيبيك بمدينة مونتريال. ويشتغل بها أستاذا في نفس التخصص . إن مشاهدة لوحاته تدخل الذهن في متاهات من الأسئلة الأبدية المتعلقة بالتنقل والسفر والهوية. فالغرباوي حسب نقاد الفن التشكيلي يزاوج بين البساطة والعمق في لوحاته من خلال التناوب على استعمال الأبيض والأسود، والأخضر مع إضافة بعض اللمسات الخفيفة باللون الأزرق، وبالاعتماد على الجوانب الفنية، مثل المؤثرات الصوتية، والأشكال الهندسية والطبيعة والرموز المرتبطة بالهوية.
وسبق ليوسف الغرباوي أن حل ضيفا مميزا على برامج موضوعاتية متخصصة في العديد القنوات التلفزية والإذاعية وفاز بجوائز مشرفة هنا بكندا .وقد صرح غير ما مرة لوسائل إعلامية أنه يقدم من خلال لوحاته وأسلوبه الفني فصولا من محطات حياته منذ أن غادر المغرب سنة 2004، إلى اليوم . الأمر الذي يفسر التطور الحاصل في اختلاف الأبعاد والتقنيات المستعملة في كل لوحة. وصرح غير ما مرة أنه باعتباره فنان مهاجر يعتبر موضوع السفر والتنقل موضوعا مألوفا وواقعا معيشا. من جهة ،و أدب المنفى والسفر يشكل دائما مصدرا مهما للإلهام من جهة ثانية.لأن الهجرة وفق منظور الغرباوي عندما تكون اختيارية، لا تكون بالضرورة مصدرا للمعاناة، بل تصبح مصدر غنى وتطور، لأنها تسمح باكتشاف آفاق جديدة. حيث يرتقي الفن المعاصر بشكل كبير، لدرجة أن الفنانين يجددون أساليبهم باستمرار، ويبدعون في استكشاف تجارب تقنيات وأساليب جديدة. ويظل أسلوب يوسف الغرباوي يتأرجح متميزا بطابعه المتنوع من خلال استعماله لعدة وسائط ،بما في ذلك التصوير الفوتوغرافي والفيديو والتشكيل.