جديد الأخبار

ads980-90 after header


الإشهار 1


أبو بكر البوخصيبي وتحفة وباكورة خزانة تازة الحديثة”اضواء على ابن يجبش التازي”

الإشهار 2

www.alhadattv.ma

عبدالسلام انويكة

سخر الله لزمن تازة منذ مطلع سبعينات القرن الماضي حتى الآن، ثلة من الشرفاء الفضلاء من ابناء المدينة ومن غير ابائها ممن ارتبطوا بها لسبب من الأسباب، فكانوا بدور وأثر في ابراز ما طبع هذا الزمن من تطورات ووقائع وأحداث فضلا عن خصوصية مجال وحضارة وثقافة وانسان.
ورغم تباين اسهامات هؤلاء من حيث نهجها وسقفها وتيمتها، يمكن الحديث فيها عما طبعها من تكامل جهد وتدرج إغناء، ومن ثمة نصوص وخزانة محلية، لا شك أنها كانت بحضن وتنوير وفائدة وحفز على البادرة والكتابة مستفيدة من تلاقح تجارب بين سلف وخلف. واذا كان كل واحد من هذه الثلة المحترمة التي توجهت بعنايتها لتاريخ وتراث تازة منذ حوالي نصف قرن حتى الآن، قد تميز ببصمة ما ونهج واضافة ووجهة واثر واثارة ومن ثمة نص/ مؤلف، فلمن كان من هذه الثلة بتأسيس وبداية وشجاعة ادبية، هو بمكانة محفوظة في ذاكرة المدينة بل بموقع رمزي مستحق كل ذكر وعرفان واجلال واكبار. ولعل ممن كان بأثر حول زمن تازة ذات يوم، نذكر المرحوم أبو بكر البوخصيبي رحمه الله، صاحب كتاب وتحفة وباكورة خزانة تازة الحديثة”اضواء على ابن يجبش التازي” . وقد حاز به على جائزة المغرب الثانية لسنة 1972، وهو الذي صدر ضمن طبعة اولى عن مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء سنة 1976 في حوالي مائتي صفحة. نص تاريخي حول زمن تازة وما أدراك ما تازة، الحاضرة المغربية ذات المكانة والحضور في المصادر التاريخية، وهي الزاخرة غير الخافية بموقعها ووقائعها وتطوراتها وأحداثها وأعلامها وعلماتها …
يذكر أن أول اطلالة لي على هذا المؤلف المؤسس للنبش حول تاريخ وتراث تازة، كان في منتصف تسعينات القرن الماضي تحديدا في خزانة بلدية تازة التي كانت تسكن ذات يوم في الطابق العلوي للمعهد الموسيقي، حيث نبض اقبال وسؤال وقراءة وقراء وباحثين عن معرفة ادبية وتاريخية وعامة، حيث ندرة النصوص والابحاث والدراسات التي لم يكن بالامكان العثور عليها سوى في مثل هذا المكان، الذي كان بالنسبة للكثير مرجعا لِما وجده فيه من دفئ مادة علمية اعتمدها لهذا الغرض وذاك من دراسات وابحاث، منها ابحاث الاجازة الجامعية لهذه الفترة وما ادراك ما اجازة هذه الفترة من زمن المغرب.
في هذا المكان بأثاثه الذي لا يزال عالقا في الذاكرة، كانت أول اطلالة لي على كتاب”ابن يجبش التازي” للمرحوم البوخصيبي، وأول فكرة عنه وعن مضمونه ومن ثمة عن المتصوف “بن يجبش التازي التسولي”، فضلا عما التقطته من اشارة حول مكانة تازة خلال دولة بني مرين وما طبعها من زمن ذهبي لهذا العهد. وعليه، بات هذا المؤلف منذ هذا التاريخ، بمكانة لدي وبذكر واستحضار كلما دعت المناسبة ضمن الدرس لدى تلامذة الثانوي التأهيلي إن بثانوية علي بن بري أو ابن الياسمن، وهي الاشارات التي قد يكون يتذكرها الكثير من هؤلاء، الذين كانوا يلتقطونها بشغف كبير.
كتاب البوخصيبي، الذي كان بتأسيس نهجا وتيمة ومرجعا ومحاور ووثائق، بدليل حصوله على جائزة المغرب في هذا الوقت المبكر من زمن الكتابة والفكر والبحث الحديث. جاء بتقديم رفيع المستوى بقلم الأستاذ عبد الله كًنون وقد وضعه له سنة 1974، علما أن الكتاب لم ير النور حتى بداية صيف 1976. ولعله تقديم كان بما كان من أثر ووقع وهيبة لدي لأول وهلة، وعليه كنت أقرأه وأعيد قراءته، لِما شدني فيه من اشارات وعبارات بقدر عال من معنى ومنشود وتطلع ورؤية وغيرها، ومن هذه الاشارة ما أورد حول ضرورة الكتابة والعمل من اجلها خدمة لتاريخ وتراث المغرب، وتجاوز ما هناك من كسل فكري مستشري ومن انطواء وانتقاد واملاء للرأي من الأعلى، مضيفا أنه من المفيد صرف النظر عن هؤلاء الذين هم بهذا الداء، والأخذ بمن هم بجدية ومبادرة ونجاح وانتاج كتابة ومن ثمة نصوص مفيدة رافعة للبلاد والعباد.
وأما تقديم البوخصيبي لمؤلفه وهو التقديم الذي سماه آنذاك ب”المدخل”، فقد جاء باذخا معبرا فيه عن قصده من الكتابة والكتاب حول شخص”ابن يجبش التازي” ومن خلاله حول زمن تازة على عهد بني مرين عموما، وما اصيب به أواخر مغرب العصر الوسيط، مستحضرا بنبوغه التاريخي انذاك ما هناك من اشكالات تاريخية محلية عالقة، معرجا على كتاب”تقريب المفازة في تاريخ تازة” المفقود، وعلى زمن رومان ومدينة نحاس؟؟ وقصور عجيبة اندثرت ؟؟ ومياه وبحيرات وبحر ومشهد بناء جيولوجي؟؟وأعلام تازية وعلماء وتشعبات اهتمامات، ومن حاجة ماسة لوثائق من اجل كتابة في أفق ما يفيد الى حين؟؟، معلنا في مدخل مؤلفه هذا عن محاور ارتآها ذات أهمية للحديث عن صوفية تازة من خلال شخص ابن يجبش. قبل أن ينتهي الى خاتمة غمر فيها مكانة وموقع هذا الصوفي، بما كان عليه من ضمير ودعوة وتعبئة للجهاد حفظا ودفاعا عن البلاد في فترة حرجة من زمنها الوسيط، معرجا على منفرجته مع مساحة ملاحظات ومؤاخدات. مشيرا الى أن ما طبع اسهامات ابن يجبش هو ما كان وراء اختيار “اضواء على ابن يجبش التازي” عنوانا للمؤلفه تجنبا لكل موقف وقراءة واختلاف ومناقشة. آخذا بعين الاعتبار “تواضع “علم ابن يجبش وزهده وجهاده، مؤكدا أنه استهدف من كتابه الذي نعته ب”المتواضع”، احياء تراث أحد أولياء تازة الصالحين وعباده المخلصين.
يذكر أن المرحوم ابو بكر البوخصيبي هذا، فضلا عن كتابه الذي وهبه لتازة ولخزانتها، كان باهتمام فني ثقافي واسع، منه عالم الكتابة المسرحية والمسرح، وعليه، يسجل له أنه كتب مسرحية حول تجربة وحياة ومساهمة ابن يجيش التازي، وهي المسرحية التي اخرجها الأستاذ محمد بلهيسي ذات يوم من سبعينات القرن الماضي، وتم عرضها في الهواء الطلق بقصر (حصن) البستيون الأثري الشهير، لجعل مضمون المسرحية التاريخية بنوع من التناغم مع ما هناك من اسوار أثرية محيطة وابواب ونوافد وعظمة مشهد باحالات على زمن المدينة والمغرب وشخص ابن يجبش التازي ودعوته للجهاد والدفاع عن روح بلاد وعباد.
بل من المفيد الاشارة ايضا الى أن البوخصيبي كان وراء تقليد ادبي رفيع المستوى بتازة، تعلق الأمر هنا بملتقى ادبي شعري للتحفيز علي الابداع في هذا المجال. بحيث كانت تازة من خلال هذا الملتقى بجائزة سنوية للشعر، تلك التي كانت تقدم للفائز بها سنويا على ايقاع ما كان يعقد ويحضر لهذا الغرض، بقاعة بلدية تازة ذات يوم من سبعينات القرن الماضي.
رحم الله الاستاذ ابو بكر البوخصيبي صاحب تحفة “ابن يجبش التازي”، الذي كان بما كان عليه من تأسيس وسبق وعناية واسهام لفائدة تاريخ تازة وتراثها، وقد كان بأثره وبصمته بما كان عليه من حفز لا شك أنه اعطى اكله، من خلال خلف التقط الاشارة وأكمل المسيرة وأغنى الخزانة.


ads after content
الإشهار 3
شاهد أيضا
الإشهار 4
تعليقات الزوار
جاري التحميل ...
الإشهار 5