القضاء يقترب من حسم قضية فساد تورط فيها برلمانيين ورؤساء جماعات ومقاولين كبار التهموا أراضي الحي الصناعي بتازة

www.alhadattv.ma
يواصل القضاء بتازة أبحاثه وتحرياته بخصوص التلاعب في البقع الأرضية المخصصة للاستثمار بالحي الصناعي بمدينة تازة، بعدما فجرت “الحدث تيفي” قبل سنوات فضيحة وجود شبكة تضم شبهة “سماسرة” ومضاربين يتاجرون في هذه البقع.
وأفادت مصادر الجريدة بأن القاضي المكلف بالبحث في هذا الملف، طلب تزويده بلائحة كل المستفيدين من البقع الأرضية، ومحاضر اجتماعات اللجن التي فوتت البقع للمستفيدين، وكذلك دفاتر التحملات الخاص بها، وكذلك وضعيتها الحالية، وتبين من خلال اللائحة أنها تضم أسماء سياسيين وبرلمانيين ومنتخبين جماعيين، أغلبهم لم ينجزوا المشاريع المتضمنة في هذه الدفاتر، رغم مرور سنوات من استفادتهم من هذه البقع، وأن هدفهم كان هو الاستفادة من “الريع”، ثم إعادة كراء هذه البقع لمستثمرين حقيقيين وجدوا صعوبة في الحصول على بقع أرضية لإنجاز مشاريعهم الاستثمارية.
وأمام تفشي هذه الظاهرة التي تعرقل الاستثمار بالمدينة، اضطرت عمالة تازة في شخص ممثلها القانوني ومؤسسة العمران التي أشرفت على العملية وقتئذ، إلى رفع ما يقرب من 39 دعوى قضائية ضد المتهمين بالتورط في هذه التلاعبات، بغرض سحب هذه البقع منهم ، حيث أفادت تلك الدعاوي القضائية عن تواجد مجموعة من البقع الأرضية التي استفاذ منها مجموعة من المستثمرين المفترضين منذ أزيد من 25 سنة لم يتقيدوا بدفتر التحملات الخاص بالأحياء الصناعية، وحولوا البقع الأرضية التي فوتت لهم إلى منازل سكنية وأخرى إلى مستودعات ، بل هناك من قام بتسييج تلك البقه بالإسمنت وتركها على حالها لما يزيد عن 25 سنة.
وكشفت مصادر الحدث تيفي” ، أن القضاء اقتنع بوجود “مضاربين” منحت لهم البقع الأرضية بالحي الصناعي بمدينة تازة، واستغلوا مواقعهم السياسية والتمثيلية في الجماعات المحلية والبرلمان والغرف المهنية استفاوا من الامتيازات المخصصة لحاملي المشاريع الاستثمارية للحصول على هذه البقع بأثمنة رمزية داخل الحي الصناعي، حيث يستفيد بعض “السماسرة”و”المضاربين” من البقع المخصصة لإقامة مشاريع استثمارية وتغيير موضوع الاستثمار المحدد في دفتر التحملات أو كرائها .
وأكدت المصادر ذاتها ،وجود مضاربين تركوا البقع الأرضية التي فوتت لهم عن طريق القرابة العائلية أو السياسية أو ..للاحتفاظ بها لمدة طويلة بنية المتاجرة لجني أرباح مضاعفة في حالة بيعها أو كرائها، علما أن ممارسات المضاربة العقارية بالمناطق الصناعية المنجزة، تزيد من حدة مشكل وُلُوج المستثمرين إلى البنيات التحتية الصناعية بأثمنة تنافسية.
فمباشرة بعد تسريب لوائح أعيان ومنتخبين جلهم برلمانيين ورؤساء جماعات وغرف مهنية ومنتخبين من أعياء المدينة والإقليم استفادوا من بقع الحي الصناعي بمدينة تازة، بعد نشر لائحة المستفيدين عبر “الحدث تيفي” بتاريخ 5 فبراير 2018 ،تدخلت عمالة تازة في شخص عامل الإقليم شخصيا الذي شكل لجنة عاملية إقليمية للبحث في الموضوع ،والتي في ظرف أسابيع قليلة ،خلصت اللجنة ذاتها بوجود تلاعبات بعشرات البقع التي تحولت إلى مستودعات ومحلات معدة للكراء، عوض أن توجه لخلق مشاريع تساهم في إخراج المدينة من جمودها الاقتصادي، وتخلق فرص الشغل لفئات واسعة من الشباب.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن عامل إقليم تازة، سبق له بتاريخ 16 يويو 2018 في لقاء تواصلي عقد في مقر العمالة، حضره عدد من المنتخبين والمسؤولين الإداريين، أن كشف عن وقوع أخطاء في عملية تفويت بقع أرضية بالحي الصناعي، وأرجع ذلك إلى أن بعض المستفيدين تقدموا بملفات متكاملة حول مشاريع ينوون إنجازها في هذه المنطقة الصناعية، وهو ما جعل اللجنة المكلفة توافق على استفادتهم، لكنهم تلاعبوا بعد ذلك بالبقع التي حصلوا عليها، وحولوها إلى مستودعات ومحلات معدة للكراء ومنازل معدة للسكن، وعمد بعضهم إلى إعلان وحداتهم مغلقة بعد انتهائهم من عملية البناء.
وبناء على مراسلة عامل إقليم تازة ،سبق للجنة تابعة لوزارة الداخلية أن حلت بمدينة تازة للتحقيق بشأن خروقات شابت توزيع الآلاف من الأمتار في الحي الصناعي، وتبين، من خلال التسريبات، استفادة أعيان وأفراد أسرهم لأكثر من بقتين أو ثلاثة للأسرة الواحدة وبمبالغ مالية زهيدة، بل أن بعضهم لا زال مدينا بثمن بقعته الأرضية …
وتعود عملية توزيع هذه القطع الأرضية، التي تتراوح مساحتها ما بين 1000 و8000 متر، إلى سنة 2009، التي وزعت للبرلمانيين وأبنائهم وأصهارهم وأشقائهم ، تتوفر “الحدث تيفي” على نسخة من لائحة المستفيدين) وحدد حينها ثمن المتر المربع في 35 درهما، وهو مبلغ زهيد مقارنة مع القيمة الحقيقية للأرض.
وقررت وزارة التجارة والصناعة، في عهد حكومة أخنوش ،اتخاذ مجموعة من التدابير لمحاربة هذه الممارسات المخلة، حيث قامت بإدماج بنود خاصة بتثمين البقع الأرضية في العقود ودفاتر التحملات المتعلقة بإنجاز المناطق الصناعية الجديدة مما يحد من مشكل المضاربة، حيث تلزم هذه المقتضيات المستثمر بالشروع في إنجاز مشروعه حسب جدول زمني محدد مسبقا، كما تعمل لجن محلية مشتركة على تفويت الأراضي في مختلف المناطق الصناعية وفق معايير واضحة تمكن من إنجاز مشاريع المستثمرين في أفضل الظروف، وأي إخلال بأحد البنود سالفة الذكر يترتب عنه إلزام المستثمر بأداء ذعيرة، بالإضافة إلى إلغاء تسجيل عقد استغلال البقعة الأرضية، ويتم نزع الملكية عن طريق المحكمة بالنسبة إلى البقع التي تم تحفيظها من طرف المستثمر .