الأبواب الداخلية بتازة : إهمال مستمر
www.alhadattv.ma
عبد الإله بسكمار
تتميز مدينة تازة كسائر المدن العتيقة الإسلامية بسور دفاعي يصل إلى ما يناهز 3 كيلومترات تتخلله خمسة أبواب خارجية ومن أبرز الأبواب الداخلية بتازة أي التي توجد داخل أسوار المجال العتيق، باب المشور، وهو يوجد في نهاية الحيز الأول لنفس الحي المسمى أيضا / سيدي علي الدرار أو الحرار، والمشور قديم بالأحرى يعود بناؤه إلى المولى الرشيد العلوي، وما زالت عناك ثلاث مصاطب ( مجالس ) تنسب لهذه الفترة التي اتخذ فيها العاهل العلوي تازة مقرا له قبل افتتاحه لمدينة فاس سنة 1666 م، والمشور كما لا يخفى كلمة مخزنية تعني المقربين من وزراء وحاشية وأمناء وغيرهم من القائمين على خدمة السلطان أو دار المخزن والبوابة متوسطة الحجم ومزدوجة في نفس الوقت وقد شهدت فيما يبدو أبرز الأحداث التاريخية التي عرفتها تازة، ونخص بالذكر طلائع العصر الحديث، حيث دخلها الروغي/ المعروف في الأستوغرافية الرسمية باسم الفتان بوحمارة، الجيلالي بن ادريس وأتباعه، المنتحل لإسم مولاي امحمد الإبن الأكبر للمولى الحسن الأول بدءا من خريف 1902 ثم سقطت المدينة في يد الجيش المخزني بتاريخ 07 يوليوز 1903 وعادت مرة أخرى إلى حضن الروغي بعد عدة أشهر، ومالبث أن غادرها مستقرا بوجدة وأخيرا سلوان وقريبا من هناك، تم ألقاء القبض عليه واقتيد إلى فاس في قفص كما هو معروف ليتم إعدامه بعد ذلك .
في مجال الأبواب الداخلية أيضا هناك باب الزيتونة الرابط بين الحي الذي أخذ نفس التسمية وزنقة سيدي بلفتوح غرب تازة العتيقة ويجاور هذا الباب كلا من درب بني عيون والزاوية التهامية ( الوزانية ) ومسجد ( ضريح ) سيدي بلفتوح وثانوية سيدي عزوز( نقصد المدخل السابق ) وتسمية الزيتونة تحيل على أشجار الزيتون التي كانت موجودة بكثرة في هذا المكان، ولكنها تراجعت تدريجيا بسبب زحف العمران .
إذا اتجهنا إلى وسط ساحة أحراش ( مولاي الحسن ) القلب النابض لتازة العتيقة وذلك من جهة زنقة الأندلس أو زقاق الحاج ميمون، فإننا نصادف بابا صغير الحجم يطلق عليه باب الشريعة، وغالبا أن الإسم مرتبط بتطبيق الحدود الشرعية الإسلامية، وكذا لقرب هذا الباب من المحكمة الشرعية سابقا والتي كانت مقرا للباشا في نفس الوقت، ولباب الشريعة بتازة عدة توائم نذكر منها باب الشريعة بغرناطة وهو معلوم معروف وباب الشريعة بفاس وهو الذي تغير إسمه إلى باب المحروق، منذ قرون وحتى الوقت الحالي، وكما سبق القول فإنه باب صغير لاميزة كبيرة له .
من الأبواب الداخلية نذكر باب سيدي مصبح جنوب غرب تازة العتيقة وذلك نسبة لولي صالح تحول ضريحه إلى مسجد للعبادة، وكذا باب الخضارين إحالة على حرفة بيع الخضر والفواكه، باب درب السلطان شمال المدينة العتيقة وبجوار المسجد الأعظم ويعتقد حسب بقية إفريز أن نفس الزقاق هو الذي كان يحتضن القصر المريني الذي بناه أبو يعقوب يوسف بتازة أواخر القرن السابع الهجري، وأخيرا من الأبواب الداخلية باب أحراش في نهاية سوق النجارين وبداية ساحة مولاي الحسن التي يعرفها أهل تازة بأحراش وهو باب قديم متواضع الحجم كأغلب أبواب تازة يتميز بقوس مبني من الآجور المخلوط بالصخر وقد قامت الجهات المعنية مؤخرا بإعادة تهيئته وتخطيط لوحته .
لابد في الأخير من التعرض ولو بعجالة في هذا السياق لمجال بعض الأبواب التي اندثرت لسبب أو لآخر ولم تعد في غالبها موجودة، رغم أنها لعبت أدوارا هامة في الماضي، نستدل على هذا ببعض الروايات الشفوية أو الصور القديمة ونذكر هنا، باب الشاوي وقد كانت موجودة داخل الأسوار العتيقة قرب باب الشريعة في الاتجاه الشرقي من جامع الأندلس، وكان يعلوه برجان كشأن العمران العسكري القروسطي، أحدهما شبه مفتوح بأبواب مقوسة والآخر برج كامل أطول من الأول ويرجح أنه كان مجاورا لباب الشريعة، ويبدو من إسمه أنه ارتبط بشخص يقال له الشاوي أو ربما عائلة بكاملها، ومن المحتمل أن سلطات الحماية هدمت هذا الباب .
هناك بوابة أخرى في حكم المنقرضة لكن أعيد بناؤها في سنة 2013 وهي باب الجمعة التحتية، والتي كانت ترتبط بباب الجمعة الفوقانية بطريق ضيق داخل الأسوار، ومن المرجح أن هذا الباب قديم أيضا لكن سلطات الحماية قامت بترميمه على أساس واحد من مداخل معسكر لاكروا Camps Lacroix والذي كان يمتد على طول المنحدر الشرقي لتازة العتيقة، كما يوجد حاليا باب حديث بني سنة 2013 أي في إطار نفس التهيئة وهو المشرف على سارع 03 مارس .
أشار البعض ومنهم القبطان فوانو Voinot إلى وجود باب في وسط السور الشمالي العتيق لتازة أي بين باب الريح وباب الجمعة في أسفل الهضبة، كان يسمى باب المعرة أو الميعارة وكما لا يخفى فالكلمة تدل على مقبرة يهودية، ولا تعدم هذه الإشارة دليلا مجاليا واضحا وهو افتراض مجاورة الباب إياه للمقبرة اليهودية سابقا ( قبل أن تنقل إلى فضاء المسعودية ) فضلا عن الجانب الشرقي من الحي اليهودي أي ملاح تازة وتشير دراسة معمارية صدرت سنة 2000 حول المدينة العتيقة بأنه في الأصل باب موحدي وبخلاف ما ذهب إليه فوانو فإن الدراسة وضعت موقع هذا الباب في زاوية حي الجامع الكبير أي إلى الشمال قليلا من الموقع الذي حدده فوانو، الأهم في كل هذا أن البوابة كانت موجودة، ولم ترد للأسف في الصورالتي وصلتنا من الحماية، إذ يرجح أنها اختفت قبل تاريخ دخول الجيش الفرنسي إلى تازة في ماي 1914، ولذا فهو يعد من الأبواب المندثرة بتازة .