جديد الأخبار

ads980-90 after header


الإشهار 1


ياسين المصلوحي.. الإعلام والأزمات …

الإشهار 2

www.alhadattv.ma

 

الإعلام هو كل وسيلة تمكن من إيصال المعلومات والأخبار والأفكار، سواء كانت هذه الوسيلة شفوية أو كتابية أو إلكترونية. وقد تطور الإعلام عبر العصور والأزمنة؛ منذ العصور البدائية بواسطة الرسومات والرموز، ثم عصر اللغة والإنسان الناطق، إلى عصر اكتشاف الكتابة واختراع الطباعة، والانتقال إلى الوسائل التقليدية كالجرائد والصحف والتلفاز والفاكس، وصولًا إلى عصر التقدم والتطور التكنولوجي.
هذا التطور على مستوى الوسائل أدى إلى تطور على مستوى الأهداف والأدوار؛ فبعدما كان دور الإعلام محصورًا في إيصال المعلومات والأخبار والتعليق عليها أحيانًا، انتقل دوره إلى تشكيل الوعي الجماعي للجماهير، والتأثير على الرأي العام، وربما تكوين رأي عام جديد، وصولًا إلى إمكانية مساهمة الإعلام في خلق الأزمات أو التأثير عليها أو إيجاد الحلول لها. فكيف يمكن تحديد علاقة الإعلام بالأزمات؟ وكيف يمكن للإعلام أن يؤثر في الأزمات؟
للإجابة عن هذه الإشكالية، لابد لنا من طرح أسئلة حول علاقة الإعلام بالأزمات من خلال تعريف الأزمة أولًا، ثم الانتقال لتحديد العلاقة الجدلية بين الإعلام والأزمة، لنتمكن من فهم كيف يؤثر الإعلام في الأزمات سلبًا وإيجابًا.
تعريف الأزمة
يمكن تعريف الأزمة على أنها ذلك الاهتزاز وعدم الاستقرار في الأوضاع، الذي يؤدي إلى الخروج عن سيطرة الجهات المسؤولة، حيث يحدث نوع من الانفلات وتعم الفوضى على اختلاف نسبها، مطلقة كانت أو نسبية. ويتطلب الوضع تدخلًا من أجل إعادة الأمور إلى نصابها.
ويختلف نوع الأزمة؛ فيمكن أن تكون اقتصادية، أو سياسية، أو اجتماعية، تؤثر عمومًا على سير الحياة العامة للمواطن كما للدولة.
العلاقة الجدلية بين الإعلام والأزمة
هناك اختلاف في تحديد العلاقة الجدلية بين الإعلام والأزمة، حيث يمكن أن تكون الأزمة أمرًا واقعًا هي التي تدفع الإعلام إلى التفاعل معها ومعالجتها والإحاطة بها، والترويج لها، وإيصال حقيقتها للمتلقي، ونقل الأخبار بكل مصداقية وتحري، والمشاركة في حلحلتها. فتكون الأزمة سابقة لتدخل الإعلام.
كما يمكن للإعلام أن يكون سابقًا للأزمة في الوجود، وذلك عندما يكون هو الباعث والمفتعل لها. كمثال على ذلك: أزمة الربيع العربي، وكيف كانت وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها فاعلًا رئيسيًا في الترويج لها ونشرها وشرعنتها. وأيضًا ما طلق عليه محاولة الهجرة الجماعية غير الشرعية بمدينة الفنيدق، التي غذاها وعمل على نشرها وسائل التواصل الاجتماعي، وأدت إلى تفاقمها عبر نشر بعض الإشاعات والأكاذيب التي ساهمت في تأجيج الأوضاع. وبالتالي، يكون في هذه الحالة الإعلام سابقًا للأزمة.

تأثير الإعلام في الأزمات سلبًا وإيجابًا
لقد أصبح التدبير الإعلامي للأزمات علمًا مستقلًا بذاته، يتطلب دراسة شاملة وإحاطة عامة به، ويحظى بجانب كبير من الأهمية، تجعله يلعب دورًا رئيسيًا في الحياة السياسية والاجتماعية خصوصًا، وفي كل مناحي الحياة عمومًا، سواء للمواطن أو المسؤول عن الشأن العام.
حيث نجد أن الإعلام يمكن من حشد جهود المواطنين ودعمهم وتضامنهم المادي والمعنوي لمساعدة الحكومات في تخطي الأزمات والكوارث، كما حدث في زلزال الحوز بالمغرب سنة 2023. وبالتالي، تقاسم المسؤولية مع الدولة في وقت الأزمة. كما أنه يمكن من نشر ثقافة الأمن والاطمئنان بين الأفراد، إضافة إلى التسويق السياسي لإنجازات الحكومات في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، وتمرير خطاب إيجابي للجمهور، وهو ما يبعث روحًا من الارتياح والقبول السياسي بالحكومة، لتفادي خلق أزمة سياسية أو اجتماعية بالدول.
إن هذه الأمثلة توضح أنه يمكن للإعلام أن يلعب دورًا استباقيًا في التعاطي مع الأزمات وتفادي الوقوع فيها، كما أنه يمكن من معالجة الأزمة وتكثيف الجهود لتحقيق نتائج إيجابية من أجل تجاوزها.
بينما في الجهة المقابلة، نجد أن هناك نوعًا من الإعلام السلبي المغرض، الذي يساهم في تأجيج الأوضاع وصب الزيت على النار، عن طريق نشر الإشاعات والادعاءات الكاذبة التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار وخلق جو من الفوضى. وهو الأمر الذي أصبح سهلًا في عهد الذكاء الاصطناعي والتطور التكنولوجي، مما من شأنه بث الذعر والخوف بين المواطنين، وإعطاء صورة مخالفة للواقع للحكومات، تبني عليها تدخلات غير مناسبة.
وتختلف أسباب هذا التعاطي السلبي للإعلام مع الأزمات؛ إما بدوافع خارجية تغذيها الخلافات السياسية، حيث تعمد بعض الدول المعادية إلى نهج سياسة إعلامية معادية لدولة أخرى، وخير مثال على ذلك هو الخط التحريري للإعلام الجزائري المملوء بالمغالطات والإشاعات والادعاءات تجاه الدولة المغربية، أو يكون بسبب أيديولوجي داخلي أو حسابات سياسية ضيقة بين الأغلبيات الحكومية وفرق المعارضة، التي تحاول دائمًا التقليل من إنجازات الحكومة وتبخيس أعمالها.
إن نشر الإعلام لمعطيات وأخبار سلبية أو سيئة ليس دائمًا هدفه خلق أزمة أو فتنة أو بلبلة، وإنما الطريقة التي يتعاطى بها ومعالجته لها هي التي تحدد ذلك من عدمه. بل إنه يدخل في دوره النقدي، الذي يعري عن الواقع ولا يكتفي بذلك، بل يتعداه لاقتراح حلول وفتح نقاشات عمومية من أجل تجاوز تلك الأزمة.
كما يمكن اعتبار الإعلام ذراعًا من أذرع القوة الناعمة (Soft Power)، التي تقرب بين الدول، وتساهم في خلق جو من الارتياح والرضى داخل المجتمعات. وبالتالي، فإن الإعلام أصبح سلاحًا مهمًا للدول، إن هو تحلى بالمصداقية والنزاهة والشفافية، واستثمر التقدم التكنولوجي في شكل يساهم من خلاله في تنمية المجتمع وتطوره.


ads after content
الإشهار 3
شاهد أيضا
الإشهار 4
تعليقات الزوار
جاري التحميل ...
الإشهار 5