أراضي الجموع بجرسيف: حكاية نهب وظلم اللوبي البرلماني ومافيا العقار لذوي الحقوق

www.alhadattv.ma
تعيش الأراضي السلالية أو ما يسمي بأراضي الجموع، بإقليم جرسيف ، منذ أكثر من 25 سنة، نزيفا حادا بسبب سوء تدبير العمال المتعاقبين على إقليمي تازة وجرسيف، قبل وبعد أن ترتقي جرسيف إلى عمالة ، والذين حولوا أراض خصبة بإقليم جرسيف إلى مملكة خاصة، وزعون خيراتها وفق عوامل غير موضوعية، بينما يعيش عشرات بل المآت من أبناء الجماعات السلالية على حافة الفقر المدقع.
فمنذ صدور القانون رقم 17-62، بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية، وتدبير أملاكها،بتاريخ 9 غشت 2019، والذي قزم دور نواب هذه الجماعات، وأعطى سلطات مطلقة لوزارة الداخلية، ولمديرية الشؤون ، تعرضت أملاك جماعات جرسيف إلى نهب.
فخلال هذه الفترة ، تمكن عمال عمالتي تازة وجرسيف لا سيما بين سنتين 2001 و2018 من توزيع آلاف الهكتارات من الأراضي الفلاحية السلالية بتافراطة وتادرت وطريق صاكا وهوارة اولاد رحو ولمريجة.. وتوزيعها على “بعض” المحظوظين الذين ينحدر بعضهم من عين الزهرة بإقليم الدريوش ووجدة وتازة وتاوريرت بل من بينهم من ينحدر من الرباط والدارالبيضاء أيضا ، حيث تمت هذه العملية بطرق فاضحة.
وقد شبه أحد المتتبعين للشأن المحلي ما جري باقليم جرسيف، بأفلام “الويستيرن” الأمريكية لرعاة البقر (COW BOY)،التي تصف ما عرفه غرب أمريكا من سطو على أراضي السكان الأصليين في إطار ما كان يعرف ب “حمّى الذهب الأصفر” أو “la ruée vers l’or ».
وإذا كان رعاة البقر في أمريكا قد اعتمدوا على السلاح لإجلاء وإبادة السكان الأصليين، والاستيلاء على أراضيهم، فإن لوبي العمالة بتواطؤ مع مافيا العقار بجرسيف لجأوا إلى الإشاعة والضغوطات لتكميم أفواه نواب الجماعات السلالية، وإسكات صوت ذوي الحقوق، حيث كلما قرروا تفويت عقار سلالي، أشاعوا بين الساكنة خبرا مزيفا مفاده أن “هاد العقار بغاه فلان أو فلان من الأسماء الوازنة في المملكة”، تضيف مصادرنا.
وبهذه الطريقة تم السطو على المآت بل الآلاف من أراضي الجموع .
هذه الملفات المشبوهة، يمكن التأكد منها بمجرد مراجعة الملفات التي وافقت عليها وزارة الداخلية خلال 25 سنة الماضية.
فكل هذه الملفات المخدومة، تم تفويتها لشخصيات سياسية معروفة لها نفوذ مالي وسياسي بإقليم جرسيف أغلبهم برلمانيين ومنتخبين وأعيان..
ومن بين الفضائح التي يتداولها الشارع بإقليم جرسيف ، فضيحة أراض فلاحية تابعة للجماعة السلالية بمختلف أرجاء جرسيف وفي أحسن المناطق خصبة كلمريجة وهوارة أولاد رحو وتادارت ، تناهز مساحتها حوالي 1500 هكتار، تم تفويتها في ظروف غامضة، لشخصية سياسية برلمانية واحدة فقط، وأخرى تمثل مصالح بعض النافدين المقربين من عرابي عمالتي تازة سابقا وجرسيف حاليا
فمآت العائلات التي كانت تستغل تلك الأراضي منذ عشرات السنين، تم إخلائها بالقوة والتهديد وتلفيق التهم المجانية لهم، ليتمكن هؤلاء النافذون من الاستحواذ على هذه الاراضي بعد أن داسوا على القانون، وأجهزوا على حق الاستغلال لعشرات العائلات، واقتسموا هذه الأرض فيما بينهم حيث حصلت عائلة برلماني واحد معروف لدى أهل قبائل جرسيف (شقيق وابن الأخ وابن الأخت وابن العم.. على أراضي سلالية شاسعة بمختلف جماعات إقليم جرسيف
والمثال الثاني يتمثل في حصول شخصيات سياسية ونافذة أخرى أيضا ،لا علاقة لها بذوي الحقوق تنحدر من مدن مغربية مختلفة على أراضي شاسعة، تابعة لجماعة سلالية بمنطقة تافراطة عند الحدود الترابي لإقليم تاوريرت، وحولوها في رمشة عين إلى ضيعات لمختلف أنواع الفواكه، ويوجد من بين المستفيدين من هذه الأراضي السلالية، حسب ذات المصادر، رؤساء جماعات تعاقبوا على هوارة أولاد رحو وتادرت ولمريجة ، والذين لعبوا مجرد غطاء لشخصيات أخرى، استفادت من هذه “لوزيعة”.
هذا غيض من فيض، تقول مصادرنا، والذي يظهر كيف استباح عمال تعاقبوا على إقليمي تازة وجرسيف ورؤساء الدوائر وقواد وشيوخ ، أراضي الجماعات السلالية،بتواطؤ مع لوبي إقليم جرسيف والتي حتى المستعمر الفرنسي لم يجرأ على الإجهاز عليها بهذا الشكل، حيث لم تشهد الأراضي السلالية بجرسيف هذا التسيب وهذا العبث.
هكذا تحول إذن إقليم جرسيف إلى “وزيعة” أشرف عليها مكلفين بالشؤون القروية بعمالتي تازة وجرسيف
ففي الوقت الذي يؤكد فيه صاحب الجلالة في عدد من خطبه على ضرورة صون الأراضي التابعة للجماعات السلالية، وتسريع عملية تمليكها لأبناء هذه الجماعات، نجد أن عملية السطو الواسعة التي عرفتها وتعرفها هذه الأراضي بإقليم جرسيف، حرمت أبناء هذه الجماعات من فرصة استغلال أغلبية أراضيهم، وهو ما يناقض التعليمات الملكية بهذا الخصوص.