“المجتمع المدني من المفهوم إلى الواقع” كتاب جديد لإدريس الصنهاجي يثير نقاشاً بفاس
www.alhadattv.ma
في أمسية فكرية متميزة، ناقش أكاديميون وباحثون وفاعلون مدنيون كتاب “المجتمع المدني من المفهوم إلى الواقع” للأستاذ الدكتور إدريس الصنهاجي، وذلك في لقاء نظمه “منتدى سوسيولوجيا الشباب” بالتعاون مع “مركز أثر للدراسات والأبحاث الإنسانية والاجتماعية”، وبدعم من المديرية الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الشباب).
احتضنت القاعة الكبرى “دار الشباب الزهور” بمنطقة منفلوري في فاس، السبت 13 دجنبر، حشدًا نوعيًا استمع إلى قراءة نقدية قدمها الدكتور مصطفى اللويزي، الأستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، سلطت الضوء على الجهد التأصيلي والتاريخي الذي يقدمه الكتاب لفكرة المجتمع المدني.
يأتي إصدار الدكتور الصنهاجي، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز، في سياق متنامٍ لدور منظمات المجتمع المدني كقوة اقتراح وتأطير. ويتتبع المؤلف، وفقًا لما نوقش في الأمسية، الجذور الفلسفية والتاريخية للمفهوم بدءًا من الفلسفة اليونانية، مرورًا بالقرون الوسطى والعصر الحديث، وصولًا إلى تجلياته المعاصرة. يهدف هذا التأصيل النظري إلى توفير أدوات لفهم أعمق لدور هذه المؤسسات في المشهد الاجتماعي والسياسي الراهن.
ويُعد هذا المؤلف امتدادًا لمسار أكاديمي للباحث متخصص في علم الاجتماع الديني والقضايا المجتمعية، حيث سبق له أن أصدر كتابًا بعنوان “علم الاجتماع الديني بالمغرب: مقدّمات نظريّة”، سعى فيه إلى تحرير دراسة الظاهرة الدينية من الحُجُب الفقهية وجعلها موضوعًا للتحليل السوسيولوجي العلمي، معتمدًا على رصد تمثلات ومواقف الأفراد. ويبدو أن الهمّ المعرفي ذاته، القائم على الجمع بين التنظير وفهم الواقع المعيش، يحكم عمله الجديد حول المجتمع المدني.
شهد اللقاء تفاعلاً غنياً من الحضور الذي ضمّ أكاديميين، ممثلين عن جمعيات مدنية، وطلبة باحثين. دار النقاش، الذي أداره الدكتور اللويزي، حول محاور الكتاب الرئيسية، وتمحورت المداخلات حول إشكالات عملية تتعلق بعلاقة المجتمع المدني بالدولة، وتحديات الاستقلالية والتمويل، وكفاءة التأطير، ودوره في معالجة قضايا مثل اللامساواة والهشاشة.
يعقد هذا اللقاء في وقت تشهد فيه الساحة الوطنية نقاشًا مستفيضًا حول أدوار الفاعلين غير الحكوميين. وتبرز الحاجة إلى الدراسات الأكاديمية الرصينة التي تقدم قراءات تحليلية لمؤسسات المجتمع المدني، ليس فقط كمجرد جمعيات، بل كظاهرة اجتماعية تاريخية ذات أبعاد سياسية وثقافية وتنموية.
من خلال الجمع بين التأصيل النظري والتحليل النقدي للواقع، يساهم كتاب الدكتور الصنهاجي والقراءة التي نوقش فيها في إغناء الحوار الوطني حول سبل تعزيز الشراكة الفعالة بين مختلف مكونات المجتمع، وتجويد أداء المنظمات المدنية لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية
