جديد الأخبار

ads980-90 after header


الإشهار 1


من أعلام تازة : علي بن بري إمام القراء المغاربة

الإشهار 2

www.alhadattv.ma

عبدالإله بسكمار

ولد العلامة أبو الحسن علي بن بري التازي التسولي ببلده تازة سنة 660 هجرية وأخذ تعليمه الأولي هناك على يد والده الذي نعت بالشيخ في أدبيات الفترة ، وكانت تازة خلالها من المراكز الثقافية المهمة ….نشأ بزقاق يسمى الزفانين بنفس المدينة ، وتوضح أسماء شيوخه مدى ارتباط مدينة تازة بالحضارة الأندلسية وهم الذين أخذ عنهم العلم من قراءات ونحو وعروض وشرعيات فأكثرهم من هناك ، كأبي الحسن علي بن سليمان الأنصاري القرطبي ، ومالك بن المرحل المالقي وأبي جعفر بن الزبير الغرناطي والفقيه الخطيب أبي الربيع سليمان بن حمدون الشريسي ( نسبة إلى بلدة شريس جنوب الأندلس ) المتوفى بتازة سنة 709 هجرية وهو مدفون إلى جانب تلميذه علي بن بري بالروضة المعروفة والموجودة خلف مقر عمالة الإقليم وهي روضة الحاج علي بن بري ويزورها الكثير من الأهالي….
حفظ القرأن الحكيم برواية نافع عن طريق ورش وقالون ، وأخذ علوم عصره فتبحر فيها وخاصة ما تعلق بعلم القراءات والحفظ والتجويد والقواعد المتصلة بها علاوة على علوم اللغة والعروض ومخارج الحروف ، وكان أمراء المرينيين ورؤساؤهم يعتنون بشؤون العلماء والفقهاء بمعايير تلك الفترة ولذلك ظلوا يقربونهم خاصة في مجال الفقه المالكي ومن ثمة تقلد خطط القضاء والكتابة لتهذيب أمرائهم وأولياء عهدهم من جهة وتكوين المجتمع الإسلامي بالمغرب من جهة أخرى ، وشكل العلامة علي بن بري التازي معلمة شامخة خلال هذا العصر الذي نشطت خلاله الحركة العلمية والأدبية بكل فروعها ، وكان لتازة حظ وافر من هذا الاهتمام إذ أسس المرينيون بها دار الإمارة وبنوا المساجد والمدارس وكانوا ينزلون بها ويتفقدون أحوال الناس منها وقد رحل إليها كثير من أهل العلم والأدب ( سعيد اعراب جريدة ” الميثاق ” ع 119 )…
ظل ابن بري يواصل نشاطه العلمي بمدينة تازة ، وأخذ على يديه علوم العصر كل من الأديب عمرو بن أحمد الميمون الفشتالي ، وابن العشاب التازي والقاضي عيسى الترجالي الذي كان من طلبة تازة وعدولها ، وهذا الأخير أنف بعد أن تولى خطة القضاء بتازة أن يقف أمامه أستاذه على بن بري كمجرد عدل أو شاهد فتوسط له لدى السلطان المريني أبي سعيد حيث تقلد ديوان الإنشاء ، مما يؤكد مكانته الفقهية والأدبية ، وهكذا واصل تدريسه بكل من تازة وفاس واختص بعلوم التجويد والقراءات ومعها علوم اللغة والعروض فأثمرت جهوده أرجوزة مشهورة في علم القراءات أمساها ” الدرر اللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع ” فصل فيها مخارج الحروف والمواقع التركيبية والصوتية في القراءة القرآنية وطريقة تجويد الذكر الحكيم ,إلى جانب الأرجوزة خلف ابن بري التازي مؤلفات أخرى في الفقه خاصة ثم العروض وهو كتاب “الكافي في علم القوافي ” ومما يظهر انه مرجع هام في إيقاع الشعر والجانب العروضي ، هذا وقد اشتهرت منظومة الدرر اللوامع شرقا وغربا وعبر أنحاء العالم الإسلامي كمرجع أساس في علم القراءات ، حتى بلغت شروحها خمسين شرحا ، وكانت تدرس بجامعة الزيتونة إلى عهد قريب وتوفي ابن بري ببلده تازة وهناك دفن رحمه الله سنة 730 هجرية وقد بلغ السبعين على الأرجح ، وممن ترجموا لعلي بن بري الأستاذ العلامة الراحل الحاج امحمد الامراني العلوي الذي ألف حوله كتاب ” ابن بري التازي إمام القراء المغاربة ” وقد طبع بأمر من المرحوم الحسن الثاني سنة 1996 كما ترجم له كل من سعيد أعراب وعلي بن الشريف العلوي وغيرهم كثير …. يقول الأستاذ العلوي في هذا السياق : ” إنه لمن الحق الواضح أن مدينة تازة إذا حق لها أن تفتخر بأمجادها وهي عديدة ، فإن في مقدمة هذه الأمجاد الإمام علي بن بري ، وقد سميت إحدى الثانويات باسمه اعترافا بما قدمه من خدمات في مجال العلم في مجال العلم وليس تخليدا لإسمه لأن إسمه خالد في الكتب المتعددة ولست مبالغا إذا قلت : إن رفع إسمه غلى عدة معالم محترمة في تازة يعتبر تشريفا لهذه المدينة وزهوا بما صنعه أبناؤها ، ودراسة كتبه …يعتبر اعترافا وتقديرا لهذه الشخصية المثالية سيما إذا علمنا أن أرجوزته يدوي صداها بين أرجاء جامع الزيتونة ……فعلم الإمام علي بن بري لم يقتصر على المغرب بل حمل الرسائل لأرجاء من العالم العربي والإسلامي ( مقال ” نابغة تازة : ابن بري ” دعوةالحق / دجنبر 1985)…
من مظاهر احتفاء تازة بابنها البار الإمام علي بن بري في الأيام الخوالي المأسوف عليها أن نظم فرع المدينة لرابطة علماء المغرب مهرجانا ثقافيا امتد من 25 إلى 27 ابريل 1986 ( بذلك تكون قد مرت عليه 29 سنة أي جيلا كاملا ) اشتمل على مسابقات في التجويد ومعرض للمخطوطات وبحوث ودراسات مختلفة لها علاقة بالموضوع ….
لا بأس أن نذيل هذا المقال المتواضع بشهادة للمؤرخ عبد الهادي التازي لطف الله به في حق تازة وإشعاعها الحضاري ” …وهذه تازة …لا يمكن للباحث أن يخط سطرا واحدا في التاريخ السياسي والحضاري للمغرب دونما أن تنتصب أمام عينيه تازة بمعالمها وأعلامها وبمؤسساتها وبقاعها وبموقعها الاستراتيجي ….ومن أجل هذا فإن كلل ما كتب عن تازة من شأنه أن يسهم في إزاحة الغموض عن مدينة كانت منتجعا للقادة ، ومدرسة للرجال ، وملاذا للطامحين المنتفضين ….”


ads after content
الإشهار 3
شاهد أيضا
الإشهار 4
تعليقات الزوار
جاري التحميل ...
الإشهار 5